الإثنين، كانون(۱)/ديسمبر 23، 2024

بيان ائتلاف استقلال القضاء: ماذا بعد السطو القضائي الذي انكشف؟

  ائتلاف استقلال القضاء في لبنان
لبنان
تمّ تكليف القاضي حبيب مزهر بترؤّس الغرفة 12 لدى محكمة الاستئناف المدنية في بيروت للنظر حصراً في أحد طلبات الردّ المتفرّعة من التحقيق العدلي في تفجير المرفأ. وهو تحديداً طلب ردّ رئيس هذه الغرفة القاضي نسيب إيليا (رقم 72) عن النظر في طلب ردّ المحقّق العدلي القاضي طارق بيطار (رقم 69) والطلبان مقدّمان من الوزير السابق المدّعى عليه يوسف فنيانوس.

وعلى الإثر، أصدر القاضي مزهر يوم الخميس الماضي قراراً مريباً تضمّن بنوداً صريحة تهدّد التحقيق العدلي وتشكّل تعدّياً فاضحاً على اختصاص غيره من القضاة والمراجع القضائية وتخالف القانون بجلاء وتطيح ببديهيات العمل القضائي. فبعدما قرّر مزهر ضمّ طلب ردّ بيطار إلى الطلب الذي كُلّف النظر فيه وهو طلب الردّ ضدّ إيليا "للاطّلاع"، تجاوز مسألة الاطّلاع بكثير، وذهب إلى حدّ النظر في الملفّ الأوّل متّخذاً قراراً تضمّن إبلاغ المحقّق العدلي طلب ردّه في منزله وإلزام قلم هذا الأخير بتسليم محكمة الاستئناف ملفّ تحقيقات المرفأ كاملاً، إضافة إلى إبلاغ جميع فرقاء هذا الملف طلب الردّ.

وإذ أثار القرار مخاوف جدّية من تعطيل التحقيق، أبرزت الوقائع التي تكشّفت في اليوم التالي بعد الاطّلاع على محضر القضية، كمّاً من المخالفات أمكن تصنيفها من دون أي مبالغة بأنّها عملية سطو مزدوجة على الملفّ القضائي وعلى قرار هيئة المحكمة. فقد تبدّى من جهة أولى، أنّ رئيس محكمة استئناف بيروت القاضي حبيب رزق الله قد كلّف مزهر بطلب ردّ إيليا حصراً (القضية رقم 72) من دون منحه أي صلاحية للنظر في طلب ردّ بيطار (وهي القضية رقم 69). ومن جهة ثانية، أنّ مزهر تفرّد في إصدار قراره المذكور بمعزل عن مستشارتيْ الغرفة 12 القاضيتين ميريام شمس الدين وروزين حجيلي بما يناقض تماماً القرارات السابقة لهذه الغرفة التي ذهبتْ إلى ردّ طلبات الردّ المقدّمة ضدّ المحقّق العدليّ بصورة فورية لعدم اختصاص المحكمة بداهة وصوناً لحسن سير العمل.

وترشح أفعال مزهر في هذا الخصوص عن خطورة كبيرة. فعدا عن أنّها تشكّل مؤشّراً جديداً على حجم المساعي التي تهدّد التحقيق العدلي بأساليب ملتوية، لم يحصل من قبل أن سطا قاضٍ على ملفّ يدخل في صلاحية محكمة أخرى كما فعل القاضي مزهر. وهذا الأمر قد يؤدّي في حال تعميمه، إلى فتح الباب أمام غزو خزانات القضاة ونسف الحدّ الأدنى من روابط الثقة فيما بينهم. وما يزيد من جسامة هذه المخالفة أمران: الأوّل أنّ القاضي مزهر عيّن قبل قرابة شهر عضواً في مجلس القضاء الأعلى تبعاً لتشاور وزير العدل هنري خوري مع رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي بما أظهره ممّثلاً لهذا الأخير في هذا المجلس. وهذا ما كان محلّ اعتراض من نادي قضاة لبنان في بيان اعتبر فيه أنّ المحاصصة داخل المجلس هي أشدّ خطورة من الفراغ. وهذا الاعتراض في محله طالما أن المحاصصة داخل هذا المجلس تبقى المدخل لتعميم المحاصصة في الهيئات القضائية كافّة وبالنتيجة لتطييف القضاء. أمّا الأمر الثاني فهو أنّ مزهر كان أبدى رأياً واضحاً في أداء بيطار وذلك عند إصراره على استدعائه من قبل المجلس لمساءلته بشأن أدائه في القضية التي يتولّى النظر فيها.

وعليه،

يهمّ ائتلاف استقلال القضاء الإعلان عن المواقف الآتية:

1. نحيّي مجدّداً صمود المحقّق العدلي بيطار في مواجهة المساعي التدميرية للنيل من التحقيق ومن حقوق الضحايا في العدالة والمجتمع في المعرفة.

2. نحيّي بشكل خاص الجهود التي يبذلها المحامون وفي مقدّمتهم العاملون في مكتب الادّعاء في نقابة المحامين في بيروت ووكلاء ضحايا الانفجار الأجانب إلى جانب جمعيّات ذوي الضحايا بهدف حماية التحقيق وندعم الخطوات المتّخذة منهم لتصحيح الخلل الحاصل تبعاً للمخالفات المرتكبة من القاضي مزهر،

3. دعوة هيئة التفتيش القضائي إلى مباشرة تحقيقات فورية مع القاضي مزهر تمهيداً لإصدار توصية بوقفه فوراً عن العمل وإحالته إلى المجلس التأديبي بالنظر إلى جسامة ووضوح المخالفة المرتكبة منه والموقع المتقدّم الذي يحتلّه في محكمة الاستئناف كما في مجلس القضاء الأعلى،

4. نطالب النيابة العامّة التمييزية بمباشرة التحقيقات في التهديدات الموجّهة إلى القاضي طارق بيطار بالنظر إلى خطورة تعميم لغة التهديد في العدلية وما قد يستتبع ذلك من انهيار لمنظومة العدالة كما نطالبها بفتح تحقيق مع القاضي مزهر في شبهة ارتكابه جرائم بفعل المخالفة المرتكبة منه، ند

5. أخيراً، نضع لجنة الإدارة والعدل أمام مسؤوليتها في إنجاز اقتراح قانون استقلال القضاء وشفافيته وفق المعايير الدولية وملاحظات الائتلاف، على أن ينتهي حكماً إلى تحييد التعيينات في مجلس القضاء الأعلى عن لعبة التطييف والمحاصصة.