الشهيد المقاوم سهيل حمورة... بطل انتفاضة عاشوراء في النطبية

  محمد هاني شقير
متفرقات
لكل مقاوم من مقاتلي جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية حكاية، ولا يمكن سرد تلك الحكايات إلا لمن إستشهد أو توفي لاحقًا، ولأن سهيل حمورة سقط شهيدًا في معركة إنتفاضة عاشوراء في مدينة النبطية سنة 1983 ضد العدو الاسرائيلي، فإن ما سبق وتلا الإنتفاضة والإستشهاد في 16 تشرين من العام المذكور، يرويها لنا شقيقه الدكتور علي وهي بدأت لما دخل سهيل الى مستشفى النجدة الشعبية الكائن قرب مسرح عاشوراء في مدينة النبطية قبل الساعة العاشرة من صبيحة ذلك اليوم،

والتقى هناك شقيقه الدكتور علي الذي بادره بالسؤال: ما الذي جاء بك الى هنا اليوم؟ لأحضر اليوم العاشر أجابه سهيل؛ إذًا اصعد الى السطح لأن المشاهدة من فوق جيدة وترى كل تفاصيل المسرحية، هذه نصيحة علي، لكن سهيلًا أعلمه انه جاء بمعية أصدقائه وسيحضر معهم المسرحية، ثم طلب حبة دواء لأن بطنه تؤلمه (وقد فسْر الدكتور علي لاحقًا الأمر بأنه توتر طبيعي يصاحب الإنسان عندما يكون بمهمة كالتي كان فيها سهيل)، تناول سهيل حبة الدواء مع شفة مياه سريعةً، وقبل أن يهمّ بالمغادرة سأله علي: "معك مصاري؟" ليس بقدر كافٍ أجابه، فنقده خمسة ليرات لبنانية وغادر الى المشهدية التاريخية حيث سيكون هو أحد صُناعِها.
وسارت الأمور على نحوٍ طبيعي، وبدأت فعاليات مسرحية استشهاد الإمام الحسين، وما هي إلا لحظات، ويخوض مقاتلو جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية المعركة مع جنود العدو، وينخرط الحاضرين في انتفاضة الدم على السيف، سيف المحتل الغازي الذي كان يحاول إظهار وجوده في المدينة كما لو أنه امر عادي، واشتدت المعركة ليتكبد العدو قتلى بالرصاص والقنابل، وجرحى بالرصاص أيضًا، والأحجار التي هطلت على جنوده كالمطر من كل حدبٍ وصوب. وقد جرح العشرات من المواطنين المنتفضين.
في هذه الأثناء دخل سهيل مرةً جديدة الى المستوصف حيث أعلم شقيقه علي أنه أصيب، فوضعه مباشرةً فوق "الشاريو" وبدأ بمعالجته. الإصابة في الظهر من جهة القلب، وقد أخبر الرفاق الذين كانوا معه عليًا، أن سهيلًا أسقط قنبلة داخل عربة المحتل، فخرج منها الجنود، وبدل أن يذهب الى مكان آخر، انقضّ على جندي صهيوني محاولاً سحب بندقيته منه، ولما تكاثر الجنود حوله تركه وركض باتجاه معاكس، فاطلقوا النار عليه وأصابوه في ظهره من جهة القلب.
حمل علي شقيقه الى سيارة الإسعاف بعد أن فقد الأمل بمعالجته في المستشفى، بسبب النقص الحاد في جميع المواد والمستلزمات الطبية، جراء محاصرة المدينة من قبل جيش الاحتلال، ونقل على وجه السرعة الى مدنية صيدا حيث لحق علي الإسعاف بسيارته الخاصة نوع فولفو، ولما وصلوا الى المستشفى بحثوا كثيرًا عن طبيب شرايين وجدوه بعد معاناة طويلة. وبدأت محاولات معالجة جرح سهيل النازف، وقد استهلك عدة وحدات من الدم بينها وحدتان متتاليتان من شقيقه علي الذي يختم: بينما كنا نحاول ايقاف نزيف الدم من صدر سهيل، فإنه بدأ يذوب أمام ناظرىّ كشمعةٍ حتى أسلم الروح بين يدي