غريب في ذكرى القائد فرج الله الحلو: البلد متعطش للدولار والتحويلات لم تعد كافيةً وهو عمليّاً في حال إفلاس غير معلن
وللمناسبة، ألقى هيثم الحلو كلمة المنظمة تناول فيها نضالات الحلو وحزبه، معاهداً إيّاه على متابعة درب نضاله وحزبه حتّى تحقيق شعاره بالوطن الحر والشعب السعيد. ثمّ وضع غريب وعضو المكتب السياسي سلام أبو مجاهد وكريمات الحلو أكاليل ورد باسم الحزب والأمين العام وجمعية البناء والتضامن للرعاية الاجتماعية على تمثال الشهيد.
وألقى غريب كلمة، قال فيها: "منتصب القامة أمشي، مرفوع الهامة أمشي. هكذا مشى ثائراً، متمرداً، شجاعاً وبطلاً، وقف وقالها يوم خيانته أمام جلاديه: أنا هو فرج الله الحلو، لن أبوحَ لكم بكلمة، لن أقدّمَ لكم شيئاً ممّا تريدون". وتابع غريب "ظلّ على موقفه حتّى استشهد تحت الضرب والتعذيب الوحشي. دفنوا جسده الطاهر، ثم عادوا تحت ضغط المطالبة بالإفراج عنه لا خفاء جريمتهم، فنقلوا جثته وذوبوها بالحامض (الأسيد)، أذابوا جثة القائد فكيف لهم أن يذيبوا تاريخ هذا الرمز وهذه الملحمة في البطولة والفداء في تاريخ شعبنا وحزبنا؟ ستبقى هذه الجريمة وصمة عار على عهود الاستبداد والظلم والأنظمة التي تتفنّن ولم تزل في استخدام شتى أشكال الإرهاب والقمع وأدواته. واليوم إذ نحيي ذكراه بعد مرور ستين عاماً على استشهاده، فذلك عهداً ووفاء له وللقضية التي آمن بها واستشهد من أجلها، قضية التحرر الوطني والتقدم الاجتماعي وبناء الاشتراكية".
وأشار غريب في كلمته إلى قول آخر لفرج الله الحلو قاله في 27 /11/1943: "سيكون هذا الساحل العربي منبت حركة وطنية جديدة أكثر وعياً وأسلم فحوى تحتلّ مكاناً في الطليعة بين الحركات الوطنية في الأقطار العربية الشقيقة"، مضيفاً أنه قالها "بعد انتصار شعبنا في معركة الاستقلال الذي كان له دور بارز في تحقيقه مع رفاقه في قيادة الحزب، هذا الدور الذي يبقى حاضراً في تاريخ لبنان وشعبه، مهما حاولت السلطات السياسية المتعاقبة تغييب دور الحزب في هذه المعركة الوطنية الكبرى. وكما قالها فرج الله في الخارج، قالها في الداخل، في التنظيم الحزبي وعن قناعة تامة في موقفه السياسي المختلف عن السائد لاسيما في الموقف من تقسيم فلسطين فقمع وظلم وتمت الإساءة إليه، وكان للمؤتمر الثاني ونهج التجديد فضل في إعادة الاعتبار إليه ولنهجه في السياسة والتنظيم".
واعتبر أنّ "في إحياء هذه الذكرى، دروساً وعبراً لا بدّ من التوقف عندها لنستفيد من إيجابياتها بمناسبة التحضير للمؤتمر الثاني عشر للحزب، ربطاً بما نتصوره عن رؤيتنا للمستقبل التي ينبغي أن تقدم إجابات على العديد من الموضوعات ذات الطابع الفكري والسياسي والتنظيمي المرتبطة بتجربة الحزب التاريخية، من خلال قراءة نقدية لرؤية الحزب وبرنامجه وممارسته السياسية، ومن منطلق الحرص على إعادة صياغة برنامجه السياسي وفق قراءة علمية لطبيعة الصراع المحتدم في العالم بشكل عام وفي منطقتنا بشكل خاص وللمتغيرات الطبقية والاجتماعية والسياسية التي استجدّت في لبنان والمنطقة. برنامج يرسم خارطة الطريق التي تربط مهام التغيير ببناء الاشتراكية المنشودة، كي نفي فرج الله وكل شهداء الحزب وتضحيات الرفاق حقهم في هذه الظروف الراهنة".
وأكّد أنّ "ما جرى ويجري من فلتان أمني، ومن تعطيل حكومي، ومن إنهيار مالي ونقدي وشيك، يتحمل مسؤوليته السياسية بالدرجة الأولى المتمسكون بنظام المحاصصة المذهبية والفساد السياسي، وبخاصة أولئك المراهنون على استخدامه لتنفيذ مشاريع خارجية مشبوهة، ولو عن طريق تفجير الوضع الأمني من أبواب الكانتونات والفدراليات المذهبية"، معتبراً أنّ "شيئاً لم يتغيّر في تعاطي هذه السلطة الحاكمة رغم كل المخاطر المحدقة بمصير البلد ووجوده، مشيراً إلى أن "السلطة دأبت على تقديم الولاء لها من خلال جعل اللبنانيين زبائن لها أو أزلاماً يموتون بالاقتتال الطائفي والمذهبي أو بالفقر والتجويع ودفعهم للهجرة إلى الخارج، نحن اليوم أمام حكومة التعطيل العاجزة عن معالجة أبسط القضايا التي يعاني منها اللبنانيون".
وتناول غريب مشروع الموازنة الذي أقره المجلس النيابي وكرّس النموذج الاقتصادي الريعي رغم خطر الإنهيار المالي والنقدي الذي تسبب به هذا النموذج، معتبراً أنّ "هذه الموازنة، موازنة غير إصلاحية وهي استمرار للسياسات الاقتصادية - الاجتماعية السابقة من خلال اتباع سياسة التقشف والخصخصة وتصفية مؤسسات الدولة وزيادة الضرائب غير المباشرة كضريبة الـ 3% على المستوردات، وتحميل الطبقات العاملة والوسطى تكاليف تلك الأزمات وتبعاتها الاجتماعية المريرة في تسريع الانهيار المالي والنقدي، وتلك جريمة سياسية موصوفة تنفذها هذه السلطة الفاسدة عن سابق تصور وتصميم".
وقال "إذا كان الحزب قد لعب دوراً بارزاً في مواجهة هذه السياسة عبر التحركات والتظاهرات التي قام بها مباشرة أم عبر الحراك الشعبي للإنقاذ أم عبر القطاعات والروابط التي تحركت دفاعاً عن حقوقها والتي خففت من شراسة الهجمة ولو بشكل محدود وجزئي إلاّ إن المعركة لم تنتهِ، فهي مستمرة"، معتبراً أنّها "مفتوحة على عناوين متعددة يأتي في مقدمتها، أوّلاً، بناء الدولة الوطنية الديمقراطية القائمة على اتباع سياسات اقتصادية جديدة تؤدي إلى انهاء نمط الاقتصاد الريعي وبناء اقتصاد انتاجي متقدم. وثانياً، إعادة توزيع الدخل والثروة من الريع الرأسمالي نحو العمل المنتج. وثالثاً، تعديل النظام الضريبي في اتجاه تصاعدي على أرباح الريوع المصرفية والعقارية ومن الأملاك البحرية والنهرية. وتابع "نحن نشهد بدايات حراك شعبي، يتطلب توسيعه وتجذير شعاراته في المناطق والقطاعات كافة".
ودعا غريب "كل القوى الوطنية والنقابية والشعبية الحريصة على إنقاذ لبنان للعمل معا وتعبئة كل الطاقات الشعبية للتحرك وصولاً إلى انتاج موازين قوى جديدة تفرض انتقال اللبنانيين من دولة المزارع والمحسوبيات إلى الدولة الوطنية والديمقراطية على طريق بناء الاشتراكية التي تجسّد حلم وقيم فرج الله الحلو، حلم كل الثائرين الشيوعيين والوطنيين والديمقراطيين. وختم بالقول "سنبقى نناضل رافعين معاً راية فرج الله الحلو راية حزبه العظيم، سنمضي سنمضي إلى ما نريد، نريد وطناً حرّاً وشعباً سعيداً".