زيارة وفد الحزب الشيوعي اللبناني إلى باريس
تناول هذا اللقاء بحث أبرز المستجدّات السياسية على الوضع الدولي بعد مضيّ أكثر من عام على وصول الرئيس ترامب إلى سدّة الحكم، وما ترتّب عنها من تعاظم في الميول العدوانية للسياسة الخارجية للولايات المتحدة. كما تناول اللقاء بحث التطورات الجارية في العالم العربي وفي لبنان على وجه الخصوص. واتفق الجانبان على تطوير علاقات التنسيق والتعاون بين الحزبين في المجالات كافة، وعلى الدفع في إتجاه تعزيز العمل المشترك بين القوى اليسارية والديمقراطية على ضفتي المتوسط.
وعلى هامش هذه الزيارة، تولّت منظّمة الحزب الشيوعي اللبناني في باريس تنظيم عشاء حاشد ضمّ إضافة إلى وفد الحزب، عشرات الناشطين السياسيين والمثقفين اللبنانيين والعرب المقيمين في العاصمة الفرنسية. وألقى الأمين العام للحزب حنّا غريب كلمة في هذا اللقاء تناول فيها موقف الحزب من أهم القضايا الراهنة في الإطارين اللبناني والعربي. وركّز الأمين العام على مجمل جوانب المعركة الانتخابية في لبنان، بدءاً من العوامل والمحدّدات التي أملت مشاركة الحزب فيها، مروراً بسياسة التحالفات الوطنية والمحلية التي تتطلّبها هذه المعركة، وإنتهاءً بالشروط الواجب إنضاجها لترجمة حصيلة الحراكات الشعبية المتعاقبة منذ عام 2011 في صناديق الاقتراع، وللتمكّن بالتالي من تعديل وتصحيح موازين القوى السياسية والطبقية في البلد. وقد إعتبر أن الانتخابات النيابية تشكّل محطّة – بين محطّات متعددة – لمواصلة التصدّي لتحالف قوى السلطة الطائفية المتنفّذة، بكل أطيافها، التي لم تنتج سوى الأزمات المتفاقمة في شتّى مناحي الحياة، وعمّمت الفقر والبطالة والإقصاء الاجتماعي وكل أشكال القلق الأمني والاقتصادي والاجتماعي في صفوف اللبنانيين. وأكّد الأمين العام أن الهدف الأساسي للحزب يتمثّل في استخدام هذه المحطّة كإطار لتجميع كافة القوى والشخصيات اليسارية والجمعيات المدنية والنقابية الديمقراطية المدعوّة لأن تشكّل القاعدة السياسية والاجتماعية المتينة للنضال المشترك خلال مرحلة الانتخابات وما بعدها من أجل التقدّم الفعلي على طريق إقامة الدولة الوطنية الديمقراطية المقاومة كبديل للدولة الطائفية المتخلّفة.
كما أكّد الأمين العام أن الحزب الشيوعي كان على امتداد تاريخه حزباً مقاوماً، وقد بدأ في تقديم الشهداء منذ عام 1946 أثناء تصدّيه لعصابات الهاغانا، وتعدّدت بعدها دروب التضحيات المضرّجة بدماء المئات من مقاوميه في كل المواجهات المتعاقبة مع العدو الاسرائيلي. وإذا كانت ظروف دولية وعربية وإقليمية وداخلية قد اضطرته للتخلي عن المقاومة المسلّحة في نهاية الثمانينيات، ومهّدت السبيل أمام حزب الله كي يملأ هذا الفراغ، فلا يجوز له التخلي أيضاً عن النضال الديمقراطي بمقاطعة الانتخابات، فهناك أيضاً من سيأتي ويملأ الفراغ، وعندها سيفقد الحزب دوره وقضيته في المقاومة بكل اشكال وأساليب النضال، فالمقاومة ليست فقط بالسلاح ضد "إسرائيل" والمجموعات الإرهابية، بل أيضاً نضالاً ديمقراطياً ضد النظام الطائفي وسلطته الفاسدة وقرار مواجهتها في الانتخابات النيابية يأتي ضمن هذا المفهوم.