اعتصام للمعلمين أمام وزارة التربية تنديداً بالصرف التعسفي
ووجه المحتجون كتاباً إلى الوزير مجذوب تلته منى عرموني طوق، جاء فيه: "تشهد البلاد أزمة سياسية واقتصادية خانقة، تلقي بظلالها على الشعب اللبناني بأسره وبكامل شرائحه ومكوناته. وتطاول هذه الأزمة، بالأخص، الأمن الوظيفي والنفسي لآلاف المعلمين العاملين في القطاع الخاص، إذ أنهم يتعرضون اليوم لأبشع مجزرة تحت مسميات عدة: صرف اقتصادي، إحترازي، استباقي، كيدي...تعددت التسميات... والصرف واحد... والجرم واحد".
أضافت: "إنها لجريمة موصوفة تآمرت خلالها المؤسسات التعليمية، الدينية والعلمانية على حد سواء، على تجريد طواقم تعليمية من كل حقوقها المكتسبة وعلى قطع أعناقها بسيف الطرد التعسفي المقنع باستقالات إكراهية.
الحجة؟ الوضع الاقتصادي الخانق. هذا الوضع الذي سمح أيضا لبعض المدارس باتخاذه ذريعة لتصفية حساباتها مع بعض الأساتذة النقابيين الذين وقفوا إلى جانب زملائهم عندما انتخبوا في روابط المعلمين أعضاء أو رؤساء ورئيسات.
وكأننا بهذا الوضع الوحيدين الذين وجب علينا تحمل تبعاته. هل أشركتنا المدارس بأرباحها عندما كانت الزيادات على الأقساط تبلغ معدلات غير مسبوقة؟ هل نظرت إلى حقوقنا القانونية ونفذتها؟ ام أنها حاولت الالتفاف عليها ونجحت بذلك مدعومة من السياسيين والمتمولين وأصحاب النفوذ؟ لم على المعلم أن يكون كبش المحرقة وسط أزمة وجب على المدرسة تح ّمل وزرها كما المعلم والأهل.
أيعقل، يا معاليكم، أن تغيب هذه المدارس والمؤسسات عن رقابتكم وتقوم بهذه المجزرة من دون أن نسمع لكم أو لأي مسؤول أي كلمة استنكار أو وساطة لتلافي هذا الموضوع؟".
وتابعت: "جئناكم اليوم مثقلين بأعباء ينوء تحتها أعتى القوم ولكن ليس نحن. ها نحن هنا واقفون، بعنفوان وصلابة قل نظيرها ليس لأننا مجبولون من غير طينة البشر ولكن لأننا مجبرون على ذلك كرمة لأولادنا ولتلامذتنا الذين علمناهم معنى الكرامة الإنسانية ومعنى الوقوف إلى جانب الحق ولو كلفهم ذلك حياتهم.
جئنا اليوم، حاملين صوت آلاف المعلمات والمعلمين الذين تخلت عنهم المؤسسات التي خدموها طيلة عشرات السنين وتحملوا معها المر في أصعب الظروف وإذ بها ترمي بهم من دون أي اعتبار لأمنهم الاجتماعي والصحي والاقتصادي.
نحن اليوم صوت آلاف المعلمات والمعلمين الذين يتم رميهم في المجهول بتعويضات هزيلة، انتقائية، تتلاشى قيمتها في كل لحظة.
نحن اليوم صوت أبناء المعلمين الذين شهدوا انهيار السماء على رؤوسهم وكانت مأساتهم مزدوجة: فهم من جهة وجدوا أنفسهم ينوؤن تحت وطأة العامل النفسي جراء فقدان الأمان الإجتماعي والإقتصادي ومن جهة أخرى تم اقتلاعهم من بين أصدقائهم ومن مدرسة قضوا في ربوعها أجمل سنينهم.
في ظل كل ما سبق، جئناكم اليوم، معالي الوزير، نطالبكم باتخاذ موقف الحكم العادل، ونناشدكم ضم صوتكم لصوتنا للوقوف في وجه هذا الإجرام الذي يمارس في حق من ضحى وتفانى في تعليم الأجيال ونطالبكم بما يلي:
أ- ممارسة الوزارة دورها الرقابي على المؤسسات التعليمية من خلال الرقابة والتدقيق المالي للتأكد من مدى عجزها وإلزامها بإعادة المصروفين في حال ثبوت عكس ادعاءاتها، والتحقيق السريع والشفاف في حالات الصرف الأخرى التي تمت على خلفية التشفي والكيدية بسبب قيام المعلمين بدور نقابي متقدم في مدرستهم.
ب - تشكيل محاكم عجلة تربوية لا مركزية من خيرة القضاة النزيهين تنصف المعلمين والمعلمات ولا تتأثر بالضغوطات السياسية والمالية.
ج - السعي لتشريع قوانين حمائية، للدفاع عن أكثر من خمس وثلاثين ألف معلمة ومعلم يواجهون، سنويا، خطر المادة 29 وشبح 5 تموز، وذلك من خلال إلغاء هذه المادة واستبدالها بإلزامية المؤسسة تبليغ من تود صرفه من الخدمة قبل سنة على الأقل على أن يكون هذا الصرف معللا ومراقبا قانونيا.
د- السعي لاحتضان المعلمين المصروفين من قبل وزارة التربية وإدماجهم بالقطاع الرسمي الذي سيشهد هجمة غير مسبوقة من التلامذة الذين لم يعد باستطاعتهم إكمال تعليمهم في الخاص، فيكونون الداعم الأكبر للتعليم الرسمي بعد المتعاقدين والناجحين في مجلس الخدمة المدنية.
ه- إلزام المدارس باستبقاء أولاد المعلمات والمعلمين المصروفين، مجانا، لمدة سنتين، بسبب استثنائية الوضع الاقتصادي الحالي وإلى حين ايجاد المعلمة أو المعلم مدرسة أخرى وتثبيتهم.
و-استمرارية التغطية الصحية للمصروفين لحين إيجاد عمل بديل.
ز-اعتماد تدابير استثنائية في صندوقي التعويضات والتعاضد تراعي خصوصية الوضع الحالي".
وختمت: "نحن وإذ نتوجه اليكم بهذا الكتاب نطلب من معاليكم أن تتحملوا مسؤوليتكم تجاه هذه المجزرة التي حلت بقطاع كبير من حملة لواء العلم بدولتكم وإحقاق الحق، سيما وأنتم منتمون لمدرسة القضاء والعدل، والحفاظ على كرامة المعلم...".
لقاء الوزير
وفي سياق متصل، وعلى إثر اللقاء مع الوزير طارق المجذوب بحضور كل من السيدة هيلدا خوري والسيد عماد الإشقر، تم تسليمه البيان ومناقشة المقترحات التي تضمنها.
عرض الوزير مضمون مشروع القانون الذي هو بصدد اعداده، والذي يضمن حق عدم انقطاع الأساتذة في صندوقي التعويضات والضمان الاجتماعي كما أخذ بعين الاعتبار اقتراح المجموعة استمرارية مجانية تعليم الأولاد لمدة سنة على الأقل ودرس إمكانية دمج المصروفين في التعليم الرسمي.
كذلك أشار السيد الأشقر إلى عمل الوزير على تعيين خبراء محاسبة للتدقيق في موازنات المدارس.
أما بالنسبة للمادة ٢٩، فأشار إلى ضرورة العمل ضمن الأطر القانونية على إلغائها أو تعديلها.
انتهى الاجتماع بالاتفاق على متابعة موضوع المصروفين ولقاء الوزير في الأسبوع القادم مع أكبر عدد ممكن منهم.
كما شددت مجموعة "نقابيات ونقابيون بلا قيود" على الزملاء المصروفين التواصل معها على صفحتها على الفايسبوك من أجل متابعة الموضوع والتحضير للقاء مع الوزير.