تحية لذكرى الشهيد القائد الرفيق أبو علي مصطفى
هو القائد الذي كان لعقود في مقدّمة مناضلي الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وكانت له بصمات في كافة ميادين عملها في الخارج والداخل، وفي السياسة كما في المقاومة، فنال ثقة أعضائها وتمكّن من أن يقدّم نموذجاً قيادياً يشهد له الأقربون والأبعدون، رغم جسارة مهمّة أن يكون أميناً عاماً لها بعد رمزها ومؤسسها وقائدها التاريخي الرفيق جورج حبش ، حكيم الثورة الفلسطينيّة. لكنّ أبو علي مصطفى كان خير خلفٍ لخير سلفٍ.
عمل الرفيق أبو علي جاهداً لاستنهاض الصفّ الوطني الفلسطيني بعد خيبة اتفاق أوسلو وانطلاق قاطرة التنسيق الرسمي مع العدو وأجهزته، ولم تمنعه وتحبطه كلّ اتفاقات الخيانة والاستسلام العربي. لقد رأى الشهيد في العودة إلى أرض فلسطين الحبيبة وقيادة العمل على ارضها، الرد المناسب والفرصةً السانحة لمواجهة العدو من قلب ساحة المواجهة، فنشأت حوله حالة التفاف شعبيّة صاعدة، قبل جريمة اغتياله الوحشية في مثل هذه الأيام من العام 2001.
وتأتي ذكرى استشهاده ال19 ، وسط مقاومة يتعرّض فيها المشروع الاميركي لضربات عسكرية في العديد من ساحات المواجهة في دول المنطقة، لكن هذا المشروع لم يهزم بعد ، وهو لا زال ممعنا في توسيع عدوانه وعقوباته وحصاره الاقتصادي والمالي على كل الدول العربية التي ليست جزءا من مشروع الشرق الأوسط الجديد في فلسطين ولبنان وسوريا والعراق و اليمن بشكل خاص ، بينما في المقابل تتهافت بعض الأنظمة الرجعية العربية والخليجية على الهرولة والاستسلام والتطبيع مع العدو الصهيوني برعاية أميركيّة مباشرة، كانت آخرها دول الإمارات العربية المتّحدة، في اتفاقية عار مدانة ومستنكرة.
واليوم يستمرّ العدو في اعتداءته العسكرية على سوريا ولبنان، وفي توسيع الاستيطان السرطاني في مناطق الضفة الغربية، ويعلن ضمّ القدس وغور الأردن والجولان إلى ما يسميها مناطق "سيادته"، ويحكم الحصار على الشعب الفلسطيني ويعتقل آلاف المناضلين الفلسطينيين بينهم قادة ورموز وطنية مقاومة نوجّه لهم جميعا تحية الاكبار والاعتزاز في مقدمهم الرفيق القائد امين عام الجبهة الشعبية الرفيق احمد سعدات وأعضاء آخرون منتخبون في مجلس النواب والحكومة الفلسطينية. كذلك، يجري قطع التمويل عن منظمة غوث اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، وإعادة تعريف مفهوم اللجوء في الكونغرس الأميركي لإسقاط حق العودة عن ملايين اللاجئين الفلسطينيين في الخارج. كلّ ذلك يجري بدعم أميركي لا محدود، وبتواطؤ عربيّ رسمي وصمت ما يسمى المجتمع الدولي، وضمن مسار تطبيق صفقة القرن الهادفة لتصفية القضية الفلسطينية، وهو ما رآه وحذّر منه باكراً قادة العمل الوطني الفلسطيني ومن بينهم الشهيد أبو علي مصطفى.
إنّ وحدة الشعب الفلسطيني وفصائله اليوم مرتبطة أشد الارتباط بمقاومة الاحتلال الصهيوني من أجل إقامة الدولة الوطنيّة الفلسطينية على كامل تراب فلسطين وعاصمتها القدس وحق العودة . انه خيار مقاومة العدو ومشاريعه واهدافه الخبيثة، ولعلّ أفضل طريقة لتكريم ذكرى شهيدنا الكبير تكون بالعمل الدؤوب على استنهاض مشروع المقاومة العربية الشاملة ومحورها الأساسي القضية الفلسطينية باعتبارها قضية العرب المركزية . ولنا في الجمع بين مقاومة الاحتلال والهيمنة والاستعمار العسكري الامبريالي المباشر في فلسطين كما في دولنا العربية، وبين انتفاضات شعوبنا العربية ضد انظمة الخيانة والتبعية ومنظومات الفساد والاستغلال الرأسمالي ، فعل تحرر وطني واجتماعي وولادة جديدة لحركة تحرر عربي من نوع جديد وبقيادة جذرية.
المجد والخلود للشهداء الأبرار
بيروت في 30-8-2020