كلمة الامين العام الرفيق حنا غريب في رثاء الرفيقة نعمت جمال الدين
نودّع اليوم عضو المكتب السياسي للحزب الرفيقة نعمت جمال الدين.
نتحلّق اليوم من حولها لنشهد للحقيقة، لحاملة آلام الجراح المفتوحة على كل
الدوائر. لنعمت التي ان تكلمت تكلم الهدوء والصدق والالتزام والاخلاص
والتفاني والعطاء اللامحدود فهي القدوة والنموذج والمثال للرفيقة الشيوعية
المناضلة والقائدة.
لقد واجهت الرفيقة نعمت المرض وتعاملت معه بعزيمة ومقاومة نادرة رغم
كل المعاناة والأوجاع. يوم كنا نسألها لنطمئن عن صحتها، كانت تحرص
"على طمأنتنا : "انا منيحة. لكنها كانت تخفي سرّها ، اذ كانت تخوض
صراعا مع عدوها ببطولة نادرة وارادة صلبة لا تلين. واستمرت هكذا تكافح
الى ان وصلت ذات يوم لتبلغنا اعتذارها عن حضور اجتماع المكتب
السياسي منذ ايام معدودة، وعلى طريقتها الخاصة التي اختارتها قالت لنا:
انا هنا على مدخل مقر الحزب ، كنت أود ان اكون معكم، لكنني اعتذر ، فأنا"
"لست بقادرة على الصعود اليكم وحضورالاجتماع
واليوم نكاد نسمعها تعتذر ايضا من عائلتها، من أخوتها ووالدتها : أماه، يا
أماه، سامحيني لقد اجتاحني شوق لا يقاوم لرؤية الشهداء: والدي وشقيقي
وابن عمي وعمي. سامحوني جميعا رفيقاتي ورفاقي. انا احبكم حبا لا حدود
له. غدر بي هذا المرض اللعين وانتابني شعور بالبرد الشديد، أشكركم من
كل قلبي . غطيتموني بعلم حزبي ليحميني من حزن الشتاء وبرده القارس .
سامحوني لقد اضطررت للسفر الى حيث الشهداء بانتظاري ، الى حيث
ضوء القمر، وظل الشجر والأنوار، الى هناك حيث ضربت الطيور السود
وكان دم ورعود ، حرق الجفون ودموع كل العيون. سامحوني لقد انتهى
مفعول بطاقة سفري لهذه الدنيا عن تسعة واربعين عاما من العمر، يوم
تطابق تاريخ ولادتي مع تاريخ رحيلي من 29 -12- 1973 الى 29 -12-
2022.
اليكم أقول: منذ ولدنا ورؤوسنا مرفوعة بحزبنا وكرامتنا، كونوا كما أنتم
المرآة التي تعكس وجه الحزب الذي يشبه وجه وطني، وجه المقاومة
الوطنية اللبنانية التي انتصرت بالتحرير ولسوف تنتصر بالتغيير. واستعدوا
ايتها الرفيقات والرفاق وافتحوا المواجهة وكونوا كما أنتم السباقون . لا
تدخروا جهدا باللجوء الى استخدام اشكال واساليب جديدة وملائمة في هذه
المواجهة.
انا معكم في ساحات النضال والكفاح من اجل خلاص لبنان من نظامه
السياسي الطائفي القاتل ومن سلطته الافقارية الفاسدة والمرتهنة لأوصيائها
في الخارج. باقية معكم من اجل تحرير المرأة الذي لا يمكن ان ينفصل عن
تحرير المجتمع ككل من كل أنواع الاضطهاد الاجتماعي و كل أشكال
التمييز ضدها . ثقوا بحزبكم وشعبكم وتقدموا فلم يعد لدينا ما نخسره. ان
موت الجسد أعجز من موت الحياة . فكم من أحياء ماتوا وتخلدوا أحياء في
ضمير شعوبهم وتاريخهم . وكم من موتى على قيد الحياة وهم أموات.
فاليك منا، أيتها الرفيقة القائدة ، وانت في جنّات الخلد ، كل العهد على متابعة
المسيرة، اليك منا كل الحب والتقدير والإمتنان لتضحياتك الجليلة وصمودك أمام
صعوبات الحياة ومآسيها، لك ايتها الفراشة كل دموع العيون، لك الروح، لك الدنيا،
لك كل العهود، على اسمك نعمة الحياة وعلى جمال وجهك تسكن قمم الجبال وسهول
الأقحوان الجميلة. ومن خلال وجهك المضيء نرى وجه وطن حر وشعب سعيد.
ان قيادة الحزب تتقدم من عائلة الشهداء ،العائلة المناضلة المقاومة ، عائلة جمال
الدين، ومن منظمة الحزب في بلدة الجمالية وأهلها ومنطقية بعلبك الهرمل والبقاع
عموما، بأحر التعازي الخالصة، والخسارة مشتركة لنا جميعا ، ومنكفي الطريق.