الجمعة، تشرين(۲)/نوفمبر 15، 2024

كلمة الأمين العام للشيوعي اللبناني حنا غريب في تأبين القائد الشيوعي حبيب فارس

أخبار الحزب
  نودّع اليوم راحلنا الكبير الرفيق القائد حبيب فارس. نودّعه ونحن نعلم علم اليقين ان المناضلين المكافحين المخلصين لقضايا وطنهم وشعبهم لا يموتون. فهل يموت أولئك الذين أفنوا حياتهم وكرّسوها في النضال ومقاومة الاحتلال والظلم والطغيان وضد استثمار الانسان لأخيه الانسان؟ هل يموت الشهداء الذين سقطوا من اجل العدالة والمساواة وبناء الاشتراكية بكل معانيها وقيمها ومثلها الإنسانية؟

 لا، لن يموت من كتبوا ويكتبون كل يوم هذا التاريخ المضيء لتحرر شعوبهم من مشاريع الهيمنة الامبريالية ونهبها لخيرات الشعوب، ومن أنظمتها الرأسمالية التابعة لها وسلطاتها القمعية المستبدة المرتهنة لها والتي استخدمت ولا تزال تستخدم كل وسائل الدمار والحروب و النهب والافقار والتهجير والقتل لتأبيد سيطرتها.

 هؤلاء المناضلون ، هم خالدون في مواقفهم وأعمالهم وتضحياتهم ودماء شهدائهم، وفي ما تركوه من ارث عظيم تربت وتتربى عليه أجيال وأجيال، والرفيق حبيب هو علم من اعلام هؤلاء المناضلين الشيوعيين الخالدين.

رفيقي وأستاذي، المؤلم في وداعك اليوم، انك رحلت والحمل ثقيل، فسيفتقدك حزبك فارسا من فرسان هذه المرحلة الصعبة التي يمر بها وطننا ومنطقتنا العربية. لم يسبق لشعب في التاريخ أن عاش ما يعيشه شعبنا من انهيار وافقار وتهجير وبطالة ونهب لحقوقه وودائعه الصغيرة. لبناننا اليوم مهدد بوجوده وكيانه والمنظومة الحاكمة تربط تجديد سلطتها ببقاء كيانه ونظامها الطائفي القاتل . هوعرضة للضغوط الامبريالية والصهيونية والرجعية والتدخلات الخارجية. كما هو عرضة أيضا  لزمرة مجرمة في الداخل مرتهنة لأوصيائها في الخارج ، فكلما بقيت هذه السلطة في الحكم كلما ازدادت الكوارث وتسارعت وتائر الانهيار، وعمت  الفوضى وتوسّع الفراغ،  ليمتد اليوم الى البلديات لتصفية دورها نهائيا، والانقضاض على ما تبقى من دولة الرعاية الاجتماعية التي تنهار على رؤوس اللبنانيين جميعا وبخاصة على من في داخل مؤسسات الدولة، من موظفين مدنيين وعسكريين ، مع انهيار القوة الشرائية للرواتب والأجور ومعاشات التقاعد واضمحلال الضمانات الصحية والاستشفائية وسائر الخدمات العامة من كهرباء ومياه ونقل وسكن .

سنفتقدك يا رفيقي غدا وفي كل آن وأوان مع صرخات الجياع  المنتفضين في الساحات والشوارع وعلى أبواب احتفالات الأول من أيار بعد أيام محدودة. كيف للمرض اللعين ان ينال من جسدك الطاهر ويصيبه مقتلا بالصقيع؟ كيف لك ان ترحل وانت من تقاسم كل دقيقة من حياتك مع من يتحلقون اليوم  حول عرشك المسجى  من اهل وأخوة ورفاق وأحبة؟

مسيرتك مسيرة شعب حملت آلامه ومعاناته حتى الرمق الأخير.  أحد ، لا يستطيع اختزالها ببضع دقائق. كتبنا وسنكتب الكثير عنك، مناضلا ثوريا انتصر لجبهة المقاومة الوطنية اللبنانية للتحرير والتغيير، فكنت شريكا أساسيا في تحرير الجزء الأكبر من الأراضي اللبنانية من الاحتلال الصهيوني بفضل دماء شهداء هذه المقاومة من منظمة الحزب في عكار.

 واسمح لنا يا رفيقنا ان نحمّلك اليوم عبء  التحية والسلام  على الشهداء والرفاق الذين غادرونا ، وانقل اليهم عهد البقاء والوفاء للقضية التي استشهدوا من اجلها . انه عهد البقاء المستمد من بقائك  صامدا راسخا على قناعاتك بالفكر والالتزام بحزبك في النضال من اجل دولة علمانية ديمقراطية مقاومة منتصرة  لفلسطين ومقاومة شعبها من اجل حقوقه المشروعة .

كتبنا وسنكتب الكثير عن دورك قائدا سياسيا وعضوا في اللجنة المركزية وصانعا من صناع قرارات الحزب التاريخية بعد المؤتمر الثاني للحزب عام 1968، وقائدا حزبيا لمنظمة الحزب في عكار وعلى المستوى الشعبي العكاري عبر مساهمتك الأساسية في إطلاق المؤتمر الشعبي في عكار الى جانب قوى سياسية واجتماعية وثقافية وشبابية . كنت الحاضر دوما على كل الجبهات وفي كل مجالات النضال . كنت المربي والنقابي الذي على يديه تتلمذ وتخرّج آلاف الطلاب. كنت التنموي الذي ناضل في المجال الاجتماعي والبلدي والثقافي من خلال جمعية ابداع التي أسستها مدركا أهمية الثقافة في مواجهة الأفكار الرجعية والطائفية التي تعمل على طمس جرائم النهب والفساد والظلم والقهر والاضطهاد الطبقي التي تنال من كرامة الانسان ومن حقوقه .

باق يا رفيقي في قلوب الشيوعيين والوطنيين واهلك واحبائك صفحة مشرقة في ضمير شعبك ووطنك وخالد في تاريخ حزبك . وسيبقى ما تركته من ارث نضالي، سلاحا في ايدي قوى التغيير الديمقراطي من اجل وطن حر وشعب سعيد. والعزاء مشترك لنا جميعا لزوجتك، وعموم العائلة وكل الأقرباء والأحبة وأهلنا في بلدة الشيخ محمد، البلدة التي أنجبتك فارسا من فرسانها الأبطال، والعزاء موصول لمنظمة الحزب في عكار وللرفاق جميعا.

  

 17-4-2023