كلمة الرفيق أدهم السيد في الجلسة التي نظمتها دائرة العلاقات الخارجية في الحزب الشيوعي الصيني ضمن فعاليات الندوة الخاصة بالقضية الفلسطينية.
الرفيقات والرفاق، الصديقات والأصدقاء.
بداية نتوجه بالشكر للرفاق في دائرة العلاقات الخارجية في الحزب الشيوعي الصيني على هذه المبادرة. ونتمنى ان يساهم هذا الاجتماع في تنسيق جهودنا نصرة للشعب الفلسطيني.
الرفيقات والرفاق،
ينعقد اجتماعنا هذا على بعد ايام قليلة من ذكرى مجزرة نانجينغ. تلك المجزرة او الابادة الجماعية التي نفذها الاحتلال الياباني سنة 1937 بحق أبناء الشعب الصيني في مدينة نانجينغ. والتي ذهب ضحيتها أكثر من 300 الف مواطن صيني.
تقول لنا الحقائق التاريخية ان مجزرة نانجينغ لم تدفع الشعب الصيني نحو الاستسلام، بل نحو المزيد من القتال والاصرارا على تحرير كامل أرضه دون نقصان. وزادته اصرارا على انهاء كل رواسب قرن الاذلال الذي نتج عن الاستعمار الغربي بقيادة بريطانيا، هذا الاستعمار الذي احتل الصين وقسم أراضيها وجعهلها دولة شبه مستعمرة لما يقرب من المئة سنة.
السيدات والسادة،
لم يبقى من ذلك الزمن سوى حلقة واحدة مفقودة، وهي تايوان. والشعب الصيني بقيادة الحزب الشيوعي الصيني يصر ويعمل دون هوادة ودون أي مساومة على تحقيق واحد من أهم اهدافه، لا بل يطلقون عليها "حلم الشعب الصيني"، وهو انهاء رواسب قرن الاذلال واعادة توحيد الصين، ولن تكون الصين موحدة من دون تايوان.
السيدات والسادة، هذا بالضبط ما نريده في العالم العربي وفي فلسطين.
الحق لا يمكن ان يتجزأ.
لا يمكن ان نتكلم اليوم عن صين الا الصين الواحدة، والصين الواحدة لا يمكن ان تكون من دون تايوان. ومهما تشدق الامبرياليون في الولايات المتحدة او في بريطانيا او المانيا هل يقبل الشعب الصيني "بحل الدولتين"، لا يقبل أبدا. وهذا ما لا نقبله في عالمنا العربي. فلسطين هي فلسطين، هي حيفا ويافا وعكا، كما هي غزة والضفة والقدس. فلسطين الممكنة والتي يجب ان تكون هي فلسطين من البحر الى النهر.
الرفيقات والرفاق،
ان ما نعيشه في فلسطين اليوم هو رواسب قرن الاذلال العربي. هو رواسب هزيمتنا امام الاستعمار منذ ما يقرب المئة عام، هو رواسب خيانة الحكام العرب لشعوبهم.
وهذا الواقع يمكن تعميمه على معظم دول العالم. في امريكا الجنوبية وافريقيا ومعظم دول آسيا. وحتى اوروبا الشرقية. كلنا نعيش رواسب هزيمتنا امام الاستعمار.
ان النظام العالمي الذي نشأ بعد الحرب العالمية الاولى وتكرس بعد الحرب العالمية الثانية يجب ان يتغير. هذا العالم القائم على الهيمنة والحرب والاحتكار والمعايير المزدوجة ونظريات التفوق الحضاري. هذا العالم الاعمى، الذي لا يرى عشرات آلاف الفلسطينيين يقتلون يوميا، هكذا نظام عالمي يجب ان يدفن غير مأسوف عليه. هذا هو نفسه النظام العالمي الذي ينتج ويشجع النازية والفاشية وهو من مارس الابادة الجماعية في نانجينغ، ويمارسها اليوم بأيادي نازية وفاشية جديدة، اي صهيونية، في غزة.
ان تغيير النظام العالمي هذا، يعني بالضرورة زوال اسرائيل. فلا وجود لها من دونه.
الرفيقات والرفاق،
خلال السنوات العشر الماضية، طرحت الصين العديد من المبادرات التي تعمل جميعها للوصول الى هدف بناء مجتمع المصير المشترك للبشرية. هذه المبادرات وهذا الهدف الذي تسعى من خلاله الصين الى تقديم بدائل للبشرية، فالرأسمالية في أزمة، وأزمتها تتجلى في كل ما نراه من مآسي اليوم حولنا. والحل الوحيد او البديل الوحيد كما يقول سمير امين هو الاشتراكية. وهذا الانتقال لا يمكن ان يتحقق الا من خلال تعاون كل الامم والشعوب المتضررة من الهيمنة الامبريالية على العالم.
إن مهمة الانتقال الى الاشتراكية هي مهمة العصر، ليس فقط في الصين التي وضعت هذا الهدف كهدف رئيسي يجب تحقيقه في الذكرى المؤوية لتأسيس الدولة أي 2050، بل أيضا على المستوى العالمي. ومن هنا تأتي الاهمية التاريخية للأفكار التي تقدمها الاشتراكية ذات الخصائص الصينية. فهي تضع الصين في مقدمة قاطرة التاريخ البشري، وتضعها امام مسؤوليات كبيرة ستحدد مستقبل البشرية.
وهذا ما يفسر المبادرات المتعددة التي اطلقتها الصين خلال السنوات العشرة الماضية التي لم تكن صدفة، وخاصة مبادرة "الحزام والطريق" ومبادرة "التنمية العالمية" ومبادرة "الحضارة العالمية" ومبادرة "الامن العالمي". فكلها مبادرات كانت ترى ضرورة توحد البشرية من اجل مواجهة التحديات التي تواجهها.
فكل هذه المبادرة تعتبر استجابة صينية للتحديات والازمات التي تواجه البشرية اليوم. فمعظم دول العالم تعاني من تراجع النمو، ومن ضعف في تحفيذ وتمويل التنمية الداخلي. كما ان دول عديدة وخاصة الدول النامية تحرم من امكانية تشاركها للتجارب التنموية للدول الاخرى، لا بل يسود العالم ومنذ فترة طويلة ما يشبه "احتكار التنمية" من قبل دول الثالوث الامبريالي.
الرفيقات والرفاق،
ان بناء عالم جديد يعني انهاء القديم. وهذا يعني بدوره انهاء الهيمنة الامبريالية الامريكية على العالم. وواحدة من أهم أدوات الهيمنة الامبريالية هي الكيان الصهيوني المسمى اسرائيل. فكيف سنتخلص من الهيمنة الامبريالية دون المس بأدوات هيمنتها؟
ان الحرب اليوم في فلسطين أثبتت ان لا وجود لدولة اسمها اسرائيل، هي اولا وَهِمّ تماما كأي حكومة او دولة يعينها الاستعمار، وهي ثانيا أداة حربية اجرامية وقاعدة عسكرية بكل ما للكلمة من معني، بيد الولايات المتحدة. ان من يقود هذه الحرب، وحدد شكلها وحدودها، ان من قرر ما الذي سيقصف وأمن الغطاء العنصري الاجرامي الاعلامي الدولي، ان من يقود المعارك على الارض ويحدد متى تكون الهدنة وما هي شروطها؛ هو الولايات المتحدة، رئيسها المجرم بايدن ووزير خارجيتها ودفاعها وقادتها العسكريين المتواجدين في غرف العمليات العسكرية كقادة وليس مستشارين.
ان بناء عالم جديد لا يمكن ان يكون في ظل وجود ما يسمى بإسرائيل. فهذا الكيان هو النقيض لكل ما يطرحه العالم الجديد الذي نسعى اليه. وجوده هو نقيض العدل، والانصاف، والتقدم، والانسانية، والفوز المشترك.
الرفيقات والرفاق،
ان بناء عالم جديد يعني بالضرورة قطع الايادي القذرة للولايات المتحدة في كل مكان. وعندما نصل الى العالم العربي، فيدها القذرة هي اسرائيل.
ان حجر زاوية بناء العالم الجديد هو انهاء الاحتلال الاسرائيلي، وبناء دولة فلسطينية ديمقراطية علمانية على كامل التراب الفلسطيني. دولة فلسطين من البحر الى النهر. ان أي حل آخر هو مجرد وهم، ولكنه للاسف وَهِمّ يستفيد منه الاعداء، ومن خلاله يكرسون هيمنتهم علينا وعلى العالم،
وَهِمّ سمح ويسمح للصهاينة والاميركيين ممارسة الابادة الجماعية في حقنا في فلسطين ولبنان وسوريا وممكن غدا في الاردن كما كان بالامس في مصر.
وَهِمّ يسمح لهم بإحتلال المزيد والمزيد من الاراضي، هل يمكن ان ننظر الى الواقع؟ ماذا فعل الصهاينة بحل الدولتين؟ لم يبقى من فلسطين الا تلك المساحة التي يمكن ان تصل اليها بندقية مقاومينا، وكل شبر بعيد عن بندقيتهم محتل، منسي.
ان الحل الوحيد العادل والمنصف والممكن هو بناء دولة فلسطينية ديمقراطية علميانية على كامل التراب الفلسطيني. يعود اليها كل الفلسطينيين الى كل قراهم ومدنهم. وهذا الحل لن يكون الا بهزيمة الولايات المتحدة، ولن يكون الا بالنضال والتضحيات.
الرفيقات والرفاق،
لقد زرت معظم المدن الرئيسية في الصين، ودخلت الى أكثر من 100 متحف يحفظ تاريخ هذا البلد.
ان التاريخ النضالي للشعب الصيني في النصف الاول من القرن الماضي هو تاريخ النضال والمقاومة المسلحة ضد الاستعمار والاحتلال.
ومن يقرأ تاريخ الشعوب كاملة سيصل الى النتيجة نفسها.
فقط، واشدد على فقط. فقط الشعوب التي قبلت الحلول الوسطى هزمت وابيدت. مثال على ذلك شعوب أمريكا الشمالية.
والشعب الفلسطيني واللبناني واليمني وغيره من الشعوب العربية المقاتلة تقول اليوم بأننا لن نباد تحت مسميات الحلول الوهمية. لن نعطي الصهاينة الحق في قتلنا وتهجيرنا واحتلال ما تبقى من أراضي. لن نقبل، ولن تقبل الشعوب الحرة بنكبة جديدة في فلسطين، فهذا ليس زمن النكبة، بل زمن التحرير. وما يجعلنا أكيدين من ذلك هو ان العالم يتغير، ان النظام العالمي الذي انتيج الكيان الصهيوني يتغير.
الرفيقات والرفاق،
لقد وقفت الشعوب العربية الى جانب الصين، ووقفت الشعوب الحرة في العالم الى جانبها، فكان النصر.
ان الوقوف الى جانب فلسطين اليوم يعني الوقوف الى جانب كل الشعوب الطواقة للتقدم، هو وقوف الى جانب الشعب الصيني والروسي والبرازيلي والهندي والباكستاني وغيره. فهزيمة الامبريالية الامريكية، ستعني النصر لنا جميعا، نصر للبشرية، نصر لجميع شعوب العالم الطواقة للتحرر. هزيمتها سيزيل خطر الابادة عن الشعب الصيني تماما كما سيزيلها عنا في العالم العربي وسيوقفها في فلسطين.
الرفيقات والرفاق،
بداية هزيمة الولايات المتحدة ستكون بتحرير فلسطين.
فكونوا مع فلسطين وشعبها، كي تنتصر شعوبكم، وننتصر جميعا.