افتتاح مركز الحزب الشيوعي اللبناني في بعلبك
إبتدأ الإحتفال بالنشيد الوطني اللبناني ونشيد الحزب الشيوعي اللبناني وبالتحية لشهداء الحزب والمقاومة وفلسطين ، وبتقديم من الرفيقة لارا جمال الدين.
ثم تحدث الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني الرفيق حنا غريب ، مرحباً بالحضور، وموجّها التحية إلى الشعب الفلسطيني ومقاومته الأسطورية ضد العدو الصهيوني المدعوم من الولايات المتحدة الأميركية والرجعية العربية .
وسأل في مستهل كلمته عن المضمون السياسي لإفتتاح مركز الحزب الشيوعي اللبناني في مدينة بعلبك ، ليجيب ان هذا القرار هو خطوة طبيعية موجبة لاستمرار التزامنا بالاهتمام بمشاكل أهالي محافظة بعلبك – الهرمل التي تعاني الإهمال والحرمان لسنوات طوال من الحكومات المتعاقبة، وللتأكيد أيضا على هوية الحزب الوطنية ووجوده في كل المناطق اللبنانية، فكيف بالأحرى في منطقة بعلبك-الهرمل حيث أن للحزب حضور تاريخي في هذه المدينة منذ عام 1930 ، حيث تشكّلت الخلية الأولى للحزب. وتناول الأمين العام مراحل من نضال الشبوعيين في بعلبك الهرمل.. كما تناول ما تعرض له الحزب من ملاحقات وإعتقالات وإعتداءات في مختلف المراحل، والمواجهات بدءا من مواجهة الإستعمار الفرنسي، والأحلاف الإستعمارية إذ عرف السجن في بعلبك معظم أعضاء الحزب الشيوعي اللبناني ومسؤوليه، ومرورا بالنضالات المطلبية والشعبية والنقابية، و النضال من اجل وحدة لبنان وعروبته وتطوره الدبمقراطي، وصولا إلى المشاركة الكتيفة والفاعلة في جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية وفي مواجهة النظام السياسي الطائفي.. مشيرا إلى كوكبة الشهداء والأسرى والجرحى والمناضلين الذين أغنوا هذا التاريخ المشرف.
وتطرق الأمين العام إلى ما تعانيه محافظة بعلبك – الهرمل من إهمال تاريخي رسمي على كل المستويات. من الحكومات المتعاقبة ، ومن تهميش للقطاعات المنتجة وعلى رأسها الزراعة، في افقار متعمد لأبناء البقاع ، بسبب التهريب وعدم حماية الإنتاج الزراعي، وعدم وجود مصارف تسليف للمزارع، وبسبب الاحتكارات.، مشيرا إلى أن الاهتمام بالزراعة والأرض وتوفير الماء والكهرباء والخدمات العامة ولقمة العيش هو أيضا فعل مقاومة وصمود شعبي.
وانطلاقا من أن بعلبك الهرمل حملت قضية فلسطين والدفاع عن مقاومتها، وهي اليوم تؤكّد على ذلك من أي يوم مضى، توجّه الأمين العام بالتحية إلى غزة ومقاوميها، متناولا ما يجري على صعيد المفاوضات والموقف منها، بما يليق بالتضحيات التي قُدّمت.
وأشار إلى أن الخطة الأميركية تهدف الى إعادة مسار التطبيع مع الكيان الصهيوني و تحقيق أمن هذا الكيان تحت غطاء حل الدولتين، من خلال تشكيل فريق إقليمي من تركيا، السعودية، الأردن، قطر،مصر، الامارات والأردن ، مهمته الأشراف على العملية السياسية والأمنية والاعمارية لما بعد حرب غزة، مع وقف المساعدات الى الاونروا ، وهذا القرار يعتبر بمثابة حرب إبادة عن طريق تجويع الشعب الفلسطيني وحرمانه من كل مقومات الحياة البشرية، وإلغاء صفة اللاجئين عن هذا الشعب. وقد أعلنت الولايات المتحدة والعديد من الدول الحليفة لها تعليق مساعداتها للأونروا، وتحويلها عبر قنوات أخرى بهدف خلق "سلطة بديلة" في غزة (إدارات محلية، مؤسسات دولية وجمعيات أهلية، و"عشائر") تعمل تحت اشراف هذه الدول، مع اجراء تغييرات في قيادة السلطة الفلسطينية عبر دعوتها الى تشكيل حكومة جديدة ليتم تسليمها مواقع القرار الرئيسية فيها. ما يعني ان "الدولة الفلسطينية الموعودة " في أحسن الأحوال، ووفق الخطة الأميركية تقوم على فبركة سلطة ودولة مرتهنة لواشنطن وتل أبيب وحلفائهما، فيتحقق للعدو الصهيوني ما لم يستطع تحقيقه في الحرب على غزة.
ويبقى الأساس في اسقاط هذه الخطة هو صمود المقاومة الفلسطينية، وتوظيف هذا الصمود الأسطوري في تحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية وتشكيل قيادة فلسطينية موحّدة تقود كفاح الشعب الفلسطيني وتدفع باتجاه انتزاع المزيد من الدعم السياسي والعسكري والتضامني عربيا وإقليميا ودوليا، وباتجاه إسقاط مخططات العدو في الإبادة والتهجير، علما أن المعركة طويلة ومفتوحة على كل أشكال المقاومة والمواجهة والصمود.
وتطرق الرفيق حنا غريب إلى الموقف الأميركي الداعم للعدوان في ظل عدم وجود موازين قوى دولية تفرض وقف اطلاق النار. متطرقا إلى ضرورة أن يستنهض اليسار دوره ليس في مقاومة العدوان والاحتلال الأجنبي فحسب، بل كذلك في مواجهة نظم التبعية والتطبيع والقمع والاستبداد السياسي والاجتماعي بهدف إقامة دول وطنية علمانية ديمقراطية مقاوِمة...
ورأى ان مشروع حل الدولتين لم تعد له مقوّمات على أرض الواقع بعد توسّع المشروع الصهيوني- الاستيطاني وسياسات الفصل العنصري وحرب الإبادة الجماعية والتهجير القسري والطوعي للشعب الفلسطيني، وان لا حل امام الشعب الفلسطيني الا النضال المتعدد الاشكال على درب التحرير من اجل حق العودة وإقامة الدولة الوطنية الفلسطينية، العلمانية والديمقراطية، لجميع المواطنين، وعلى كامل التراب الوطني الفلسطيني وعاصمتها القدس.
وفيما خص الوضع اللبناني، تناول الأمين العام خطة الضغط على لبنان والاستفراد بالمقاومة الفلسطينية وفصل جبهة الجنوب عن جبهة غزة ، مؤكّدا على موقف الحزب بأن الحدود البرّية بين لبنان وفلسطين المحتلة مقررة منذ عام 1923، وجرى تثبيتها في خط الهدنة عام 1948، محذرا السلطة اللبنانية من التفريط بسيادة لبنان في مفاوضات ترسيم الحدود البرّية كما حصل في ترسيم الحدود البحرية. كما أشار إلى قرار المواجهة، الذي اتخذه الحزب وعبّر عنه نداء اللجنة المركزية، وأكده، وبالإمكانات الموجودة. إضافة إلى االعمل لتعزيز دور القوى الوطنية واليسارية والديمقراطية اللبنانية في مقاومة العدوان والاحتلال الصهيوني الذي قد يتعرض له لبنان ربطا بالتهديدات الأسرائيلية، إضافة الى متابعة الصلات السياسية مع القوى التي تواجه العدو الصهيوني، مع تحميل السلطة السياسية برمتها مسؤولية الأهمال والتنصل عن القيام بواجباتها في توفير كل مستلزمات الدفاع عن سيادة لبنان وغيابها الكامل عن توفير مقومات الصمود الشعبي للأهالي الصامدين في القرى الحدودية بمواجهة العدو الصهيوني.. مع طرح قضية النازحين كقضية وطنية واجتماعية.
وتناول موضوع الموازنة التي لم تخرج عن سابقاتها لجهة فرض ومضاعفة الرسوم والضرائب غير المباشرة التي تقع أعباؤها بشكل أساسي على الفئات الاجتماعية المسحوقة، مما يلقي تبعات تأمين الخدمات العامة الأساسية، من ماء وكهرباء ونقل ومواصلات وغيرها، على عاتق هؤلاء الذين تبخّرت ادخاراتهم وجنى عمرهم ومداخيلهم بسبب الإنهيار المالي والاقتصادي عام 2019. بعدما تمّت مضاعفة التعرفات والرسوم الضريبية العامة ما بين 10 أضعاف و 46 ضعفا، ،ووصلت في بعض الحالات الى 60 ضعفا،، فيما يتم التنصّل من فرض ضريبة تصاعدية على أرباح الاحتكارات وناهبي المال العام وعدم استرجاع مدخرات المؤسسات الضامنة وأصحاب الودائع لا سيما الصغيرة والمتوسطة منها، وغض النظر عن ملف المنافع غير المشروعة المتحقّقة من الهندسات المالية وعمليات التهرّب الضريبي والتهريب مع مكافأة أصحاب المداخيل العالية والثروات والريوع بإعتماد اعفاءات وتنزيل ضريبي على التحسين العقاري.
مثل هذه السياسة تهدف عن سابق تصور وتصميم الى فرض المزيد من الافقار والتجويع، والى زيادة هجرة اللبنانيين الى الخارج التي تجاوزت الخطوط الحمر. ان الآلاف المؤلفة من اللبنانيين انتفضوا في 17 أكتوبر ضد هذه السياسة بالذات التي أوصلت لبنان الى الانهيار ولا تزال مستمرة في تهديد لبنان ووجوده، وسكانه.
وفي موضوع الرواتب فإن كلفتها قبل الانهيار عام 2018 كانت تساوي 7 مليارات دولار، وأصبحت الآن 770 مليون دولارأي أنها أصبحت 11% عما كانت عليه. وما يسمى بالتعويضات المؤقتة المعطاة تجعل رواتب الغالبية العظمى من موظفي القطاع العام والمتقاعدين (300000 موظف) في خط الفقر المدقع ( 420 دولار) وما دونه، فيما هي لا تتجاوز عند البقية القليلة منهم، ذوي الرواتب الأعلى، خط الفقر الأعلى (900 دوار) . ما يجري في موضوع الرواتب يعني انهيار الوظيفة العامة، ليحل محلها نظام تقديم المشاريع، نظام الفساد. إن انهيار القطاع العام هو جزء من الانهيار الشامل في البلد. أما "العطاءات" فهي عطاءات فرق تسد بين الضباط والعسكريين، بين الإداريين والمعلمين، وهي لا تدخل في صلب الرواتب، بما . يعني أن لا تصحيح للرواتب . بل هناك بدع جديدة : بدل إنتاجية – بدل مثابرة – بدل بنزين – عطاءات بالدولار – عطاءات بالليرة .. بما يؤدّي إلى ضرب المعاش التقاعدي في القطاع العام .... علما أن معدل البطالة ارتفع من 11.4% عام 2019 الى 30% عام 2022.