الجمعة، تشرين(۱)/أكتوير 18، 2024

نص المقابلة الإذاعية مع مسؤول العلاقات الخارجية في الحزب الشيوعي اللبناني عمر الديب في إذاعة صوت الشعب حول آخر التطورات السياسية والعدوان الصهيوني على لبنان

  ادارة الموقع
أخبار الحزب
بدأ العدو الصهيوني حرب ابادة جماعية على الشعب الفلسطيني في غزة منذ ما يقارب العام واعتداءات يومية على الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية والقدس وعلى الشعب اللبناني، وهو ما يشكل امتداد لأكثر من ٧٠ عاما من الجريمة والقتل والوحشية والتهجير. اليوم يستكمل العدو عدوانه على لبنان وهذا تكريس لوظيفة ودور الكيان بتكريس نفسه القوة الأقوى امنياً وعسكرياً على امتداد المنطقة. الحرب التي نشهدها اليوم على لبناني تأتي في هذا السياق، وهذه حرب على كامل لبنان وعلى كل الشعب اللبناني وان كانت اليوم تبدأ باستهداف اهلنا في الجنوب والبقاع الا انها تهدف الى اخضاع كل الشعب اللبناني وكل لبنان وتحويله وتسييره بالمشيئة الصهيونية ومن ورائها المشروع الاميركي لمنطقتنا.

حول المشروع الاميركي والشرق الاوسط الجديد

من المؤكد ان العدو الصهيوني طموحه اليوم هو تحقيق ”اسرائيل الكبرى“ بالمعنى السياسي والأمني والاقتصادي وإن لم يكن ضرورياً بالمعنى الجغرافي، أي يريد ان يكون له دور اقليمي امبريالي تبسط من خلالها اسرائيل سيطرتها، وتنجز التطبيع مع الدول المجاورة وان تنفتح اقتصاديا عليها وهذا ما يتقاطع مع المشروع الاميركي للمنطقة. اميركا سعت وتسعى منذ عقود وخصوصا بعد انهيار الاتحاد السوفياتي لإضعاف وتفكيك الدول الوطنية في منطقتنا، كدول قائمة ذات سيادة، كدول لديها ادارة وحكومات وجيوش، بغض النظر عن موقفنا من هذا النظام او ذاك، وهي نجحت في العديد من الاماكن من دول منطقتنا، فبالتالي اخضاع واضعاف هذه الدول يسهل السيطرة الاميركية عليها، وتقسيمها مذهبياً وقومياً واثنياً، وهذا ما يسهل السيطرة الاميركية عليها ويسهل السطوة الصهيونية على المنطقة ويجر دولها واحدة تلو الاخرى باتجاه مسار التطبيع.  للأسف، رأينا معظم الدول العربية من حيث انظمتها وحكوماتها تمشي في هذا المسار. ورغم ان عملية طوفان الاقصى وضعت حد لاستمرار جنوح تلك الحكومات، الا ان اليوم العدو يسعى لمسك زمام المبادرة والهجوم على حركات المقاومة وعلى شعوب المنطقة بهدف تكريس مشروعه. 

بالنسبة لنا، هذا مسار مواجهة طويل، قد يكون هناك انتصارات او هزائم في هذه المرحلة او تلك، الا ان مشروع المواجهة طويل، وبظل حماوة المعركة اليوم، لا يجب ان ننظر اليها وكأن الظروف التي نمر فيها اليوم هي الصورة الثابتة، فهذه المواجهة مفتوحة، الشعب الفلسطيني يقاوم ويواجه منذ عقود، شعبنا في غزة يواجه حرب الابادة منذ سنة، ونحن سنكون بمواجهة طويلة مع هذا العدو وانتصارنا عله يكون بصمودنا وعدم تنازلنا وعدم خضوعنا، حتى لو تعرضنا لخسائر كبيرة عسكرياً ومدنياً. إنّ أهميّة هذه المعركة الّا نسلم بالشروط السياسية المطلوبة من لبنان حكومة وقوى سياسية وشعباً.

 

ماذا عن الحديث عن اقطاب متعددة في العالم؟ ماذا عن دور الصين وروسيا؟ 

هناك تغيرات كبيرة في العالم، هناك اتجاه لصعود دول واقطاب جديدة تنافس الولايات المتحدة وتضع حد لسيطرتها الاحادية، الا ان هذا التحول اولاً هو تحول بطيء وثانياً كثير من هذه الدول لديها اولوياتها داخل دولها ومنطقتها، ثالثاً نحن ننظر بشكل ايجابي الى مواقف هذه الدول الرافض للعدوان والتي تسعى لإيجاد حلول سياسية والى وقف اطلاق نار وغيرها من الطروحات، لكن يجب ان نقول، رابعاً اننا نرى ان الكثير من هذه الدول قاصرة وعاجزة اليوم، حيث يوجد شعور لدى الكثير من اللبنانيين والفلسطينيين انهم متروكون وحدهم في هذه المواجهة حالياً، هناك ايضا شعور بالعجز والتقصير من الدول الكبرى؛ إننا نشهد حرب ابادة مفتوحة على عدة شعوب في المنطقة، وانتصار اسرائيل وورائها اميركا، إذا حصل، في هذه المعركة سيغير موازين القوى في المنطقة وفي العالم لفترات طويلة. فعلى هذه الدول ان تبادر وتأخذ موقف، لا نطلب منها التدخل عسكرياً، لكن يمكنها ان تتدخل سياسياً ودبلوماسياً، وهي  قادرة على تهديد اسرائيل بالعقوبات، بوقف العلاقات وبقطع التبادل التجاري، قادرة ان تأخذ مبادرات لإقامة مؤتمرات دولية، لديها الامكانية ان تبادر، وهي تبادر باقل ما هو مطلوب منها. 

 

ماذا عن دور ايران؟ كيف يمكن ان تفعل هذا المحور وتعطيه زخم اكبر؟

اليوم مطلوب التضامن والتعاون اكتر من كافة دول وشعوب هذه المنطقة، من دولنا العربية وشعوبنا وحكوماتنا ومن قوى اليسار ومن قوى المقاومة على انواعها الاسلامية والوطنية والقومية ومن ايران ومختلف دول المنطقة. اليوم شعوبنا تباد، نرى ما يحصل على الارض، في غزة او في لبنان في الايام الاخيرة، لا يجب ان تترك هذه الشعوب وحدها، وهناك شعور انها متروكة واحدة، على امل ان تثبت الايام المقبلة عكس ذلك، نأمل ان تقوم صحوة عربية وقومية وأممية باتجاه دعم شعب لبنان وشعب فلسطين. ان لم تكن اليوم، فمتى؟ اذا لم تكن اليوم ساعة الوقوف الى جانب الشعب اللبناني والوقوف بوجه العدو، فمتى؟ ان لم يحدث ذلك الآن، قد لا يحدث ابداً. 

قد يكون الخوف من موازين القوى يدفع الكثيرين إلى التريث لكن نحن ندفع ثمن ذلك. نحن نعتمد اليوم فقط على صلابة شعبنا ومقاومة شعبنا وصلابته، وعلى قدرتنا على الصمود. نحن واجهنا فترات اصعب، واجهنا الاحتلال الاسرائيلي لقرى الشريط الحدودي في ١٩٧٨ واحتلال بيروت عام ١٩٨٢، قاومنا وانشأنا جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية وابطالها من الحزب الشيوعي والقوى الوطنية والحركة الوطنية وكل تلك القوى التي قاومت، وكان لها وهج عربي ودعم عربي، دعم سوري، دعم المنظومة الاشتراكية والاتحاد السوفياتي الذي امدها بالدعم وحققت انجازات، ولكن يبقى اساس انجازاتها هو قوتها ووجودها على الارض وثقة الشعب بها، ومعرفتها ببيئتها ووطنها.

 

نأمل اليوم ان تكون الظروف في هذه المواجهة الطويلة لمصلحة شعبنا بمواجهة هذا العدو بالصمود والمقاومة. نحن كحزب نبذل كل جهدنا في هذا الاطار في المواجهة، في دعم صمود اهلنا ودعم المهجرين والنازحين وتامين الاغاثة الطبية والسكن وغيره لهم، كما نبذل جهدنا على المستوى السياسي في لبنان والخارج لتحشيد اقوى دعم ممكن لشعبنا سياسياً واعلامياً بكافة الوسائل، واطلاق حملات تضامن في العالم كما حصل مع الشعب الفلسطيني، ونقوم بهذه المهام بطاقتنا كاملة، والاساس يبقى صمود الشعب، وقدرة المقاومة بأن تكسر اهداف العدو الذي يسعى لان يفرضها بالتنازل وبفك الارتباط عن دعم الشعب الفلسطيني في غزة.

 

 

ماذا عن ازمة الحكم في لبنان، دور حزب الله وغيره في ازمة الحكم وتعطيل انتخاب الرئيس؟ والتغير في المواقف السياسية منذ بداية العدوان الاخير؟

 

نحن بنظرنا كان يجب ان يتم انتخاب رئيس للجمهورية منذ اليوم الاول من شغور الموقع لا بل قبل شهر من شغوره، لتامين استمرارية الدولة ومؤسساتها، فانهيار الدولة يأخذنا الى المزيد من التحلل والاضمحلال والتراجع. لكن الصراعات الداخلية لا يمكن ان يتحملها فريق واحد، ندرك جيدا تركيبة المجلس النيابي، الاحزاب الاقوى هي من يعطل هذه الانتخابات لكن في هذه اللحظة وفي ظل هذه المواجهة، نحن نرى ان الصراعات الداخلية يجب ان تكون مؤجلة، يجب تكريس موضوع الوحدة الوطنية بين اللبنانيين والقوى السياسية، والجميع يعرف اننا لدينا صراعات وخلافات سياسية مع كل القوى السياسية المسيطرة، لكن الآن كل تلك الصراعات مؤجلة.

نحن اليوم في معركة وجودية تهدد مصيرنا ومصير وطننا، بمعركة ستكون طويلة وقاسية جدا جدا.. نحن امام سيناريو غزة جديد فبالتالي كما كنا ندعو الشعب الفلسطيني والفصائل الفلسطينية للوحدة نحن اليوم نقول وندعو للوحدة الوطنية اللبنانية على اساس مشروع وطني لمواجهة هذا العدوان وكل القضايا السياسية الخلافية الداخلية قد تبقى مفتوحة، لكن الخوض فيها مؤجل.  طبعاً ندعو للقيام بكل ما من شأنه ان يسهل استمرارية الدولة، انتخاب رئيس للجمهورية حتى بظل الحرب هو امر مهم، عدم اقرار الموازنات التي تسعى للمزيد من الضرائب والاقتطاع هو امر مهم ايضا، تامين الحد الادنى من العيش والأجور للعمال والاجراء والموظفين في القطاع العام والخاص هو ايضا مهم، ويجب ان تكون هذه القوى تسعى لذلك. ولكن خوض الصراع السياسي الداخلي والخلافات بيننا وبين القوى الاخرى وبين هذه القوى بين بعضها البعض يجب ان تكون مؤجلة، يجب ان يكون العنوان الاساسي اليوم هو الوحدة الوطنية اللبنانية على اساس مشروع وطني لمواجهة العدوان لان المرحلة مصيرية وصعبة.