الشيوعي: على درب جمّول... مستمرون
هو ذلك القرار الناتج من وعي متحرر؛ حدَّد البوصلة والهدف، وعلى مساره سارت قوافل الشهداء تحرر المناطق والمدن والقرى، لتنجز التحرير، ولتعيد للوطن بعضاً من كرامة سُفكت من قبل حكامه، وهم يتوسلون رضا الأجنبي ويتآمرون معه. وإحياء المناسبة، بهذا المعنى، هو فعل تقدير ووفاء لتاريخ شعبنا وحزبنا في إطلاق هذه الجبهة، ولقائدها الرفيق الشهيد جورج حاوي الذي خطّ بيده مع الرفيق محسن ابراهيم نداءها الأول، وإلى قوافل الشهداء والجرحى والأسرى والمفقودين والمقاومين وعائلاتهم، والذين لا تزل جثامين البعض منهم محتجزة لدى العدو الصهيوني، وإلى كل الذين وقفوا بصلابة في هذه المعركة وقاوموا من مختلف القوى والأحزاب، فساهموا في مسيرة التحرير وفي إنجازها.
هي جمول، تلك الأيقونة المتحرّرة من شوائب الطوائف والمذاهب والملل وأوبئتها، هي الطلقة والمشروع السياسي البديل الواضح والملتزم بتحرير الأرض من العدو، وتحرر الإنسان من النظام السياسي التابع بطبيعته وتركيبته وقواه. لقد نجح المسار الأول وأُنجز التحرير إلى حدٍّ كبير، إلّا أن المسار الثاني، المتلازم مع الأول، فقد بقي رهينة نظام الطوائف وأمرائها وقواها تعيث بالبلد فساداً ونهباً وحروباً وتوترات وتكاد تطيح به، وجعلت أكثرية مواطنيه تحت خطر الجوع والعوز والبطالة والهجرة والأمراض، فيما منظومته الحاكمة تنتقل، وبأريحية مفرطة، من مظلة حماية إلى أخرى، تفخر بالانتداب وبالوصايات. فها هي البوارج العسكرية الغربية تحتل الشواطئ اللبنانية، والطائرات الإسرائيلية لا تغادر الأجواء، والموفدون الغربيون يصولون ويجولون ويوبخون، وأصحاب "الدولة"، يتلقون الإهانات ويسبّحون بحمد هؤلاء؛ هدفهم السلطة وإرضاء أولياء النعم. لم يتوانوا عن تجويع الشعب اللبناني وإفقاره وسلبه حتى الأمل. أمّا بقية شعبهم المنتفض منذ 17 تشرين الأول، فهو موضوع تضليل وتآمر كي يستخدموه وقوداً للحروب والخلافات والتوترات والانتخابات. إنهم غارقون في المحاصصة وتأمينها، وما غير ذلك لا أهمية له. عطّلوا البلد وتركوه فريسة للجوع والأمراض وللتدخلات. جعلوه فريسة رأس المال الفالت والمتفلت، وبقرار أميركي واضح ومعلن بهدف تركيع الشعب اللبناني وإسقاط كل نقاط قوته، وبالتحديد خيار المقاومة، في حين يقف أصحاب السلطة والمتنفذون بالصف على أبواب هؤلاء.
جمول ستبقى حاجة موضوعية وقراراً لا بدّ من اتخاذه؛ فلنعد تلاوة ذلك القرار من جديد بالدعوة إلى التمسك بخيار المقاومة طريقاً للتحرر الوطني والاجتماعي من نظام التحاصص ورأس المال، ورفضاً للتدخلات الأجنبية ولفك التبعية، وكسراً للهيمنة، من أجل بناء دولة وطنية قادرة على القيام بموجبات شعبها وحمايته، واقتصاد منفتح على كل الخيارات، قائم على الإنتاج والتكامل، وإيجاد تنظيم للائتلاف السياسي ببرنامج بديل لسلطة بديلة، تحفظ تضحيات الشعب اللبناني وتصونها. وفي هذه المناسبة يدعو الحزب الشيوعي اللبناني الشيوعيين جميعاً إلى إحياء هذه الذكرى المجيدة، والمشاركة في المسيرة التي ستنطلق في بيروت، الساعة السادسة من بعد ظهر يوم الأربعاء الواقع فيه 16 أيلول 2020، من أمام صيدلية بسترس، مكان العملية الأولى، باتجاه محطة أيوب مكان العملية الثانية، ودعوة منظمات الحزب وقطاعاته في المناطق كافة إلى إقامة النشاطات المتنوعة، مع الحرص على أخذ الإجراءات الضرورية للوقاية من فيروس الكورونا.
المجد والخلود لكل الشهداء
بيروت في 10/9/2020
المكتب السياسي للحزب الشيوعي اللبناني