ترامب بين عدوانية المخابرات ومطامع الاحتكارات في أميركا
وبغض النظر عن الأزمة المفتعلة في الداخل حول التدخل المزعوم للمخابرات الروسية في الانتخابات الأخيرة في أميركا والمتورط فيها كل من نجله البكر ترامب جونيور وصهره الصهيوني كوشنير. فإن الفضائح المتتالية وصلت إلى أقرب الناس إليه، مما دفع العديد من المعلقين والمراقبين إلى وصف الرئيس أنه مصاب بمرض "الزهايمر" أو الخرف.
وأهم هذه المواقف التي يعلنها ترامب ثم ما يلبث أن يتراجع عنها وخلال أيام إن لم نقل خلال ساعات، هي الأمور والمواقف التالية:
- العلاقة مع روسيا أولاً بين مد وجزر غريبين...
- الموقف من الملف النووي الإيراني، الموقع من قبل (5+1).
- الموافقة من قبل المخابرات الأميركية CIA)) على تسليح المعارضة السورية ثم التراجع عنها لأنها حسب ترامب مكفلة ولن تؤدي إلى نتيجة.
- فرض عقوبات على فنزويلا دون ما سبب سوى أنها تنتهج سياسة مستقلة عن واشنطن.
- تهديد كوريا الشمالية بالعقوبات مع وصف حكامها بأبشع العقوبات و"الأوصاف".
والأخطر من ذلك أن ترامب يعاني على الصعيد الداخلي مشكلة عدم وجود ثقة متبادلة بين أجهزته السياسية والإدارية والاستخباراتية، وبخاصة تلك التي خلفها له سلفه أوباما. فبعد فضيحة التدخل المزعوم للمخابرات الروسية في الانتخابات الأميركية جاء دور وزير خارجيته تيرلسون الذي يفكر جدياً بالاستقالة، كما أن وزير العدل الذي وصفه ترامب بأنه "ضعيف جداً" مما يوحي بأنه عازم على إبعاده أو إقالته.
هذا التخبط ناتج عن أن ترامب واقع تحت تأثير عوامل شخصية وداخلية معقدة وعديدة، أخطرها وأهمها احتكارات السلاح واحتكارات الاتصالات وصناعة الكمبيوتر وبقايا أجهزة المخابرات المرتبطة بهذه الاحتكارات إلى جانب العنصر الشخصي لترامب المتمثل بكونه تاجر عقارات "ناجح" سابقاً بسبب تطبيقه مبدأ قديم يقول: المعركة التي تربحها دون أن تخوضها هي أفضل المعارك"، فهل هذا المنطق ينطبق على ممارسات ترامب في السياسة الدولية والعالمية؟!
وهل على هذا الأساس يتعامل ترامب مع كل من روسيا وإيران وكوريا الديمقراطية وقضية الشعب الفلسطيني؟!
أم أن الصهيونية المتجذرة في تصرفاته هي المحرك أو الدافع الرئيسي لسياسته تجاه كل من روسيا، وسوريا وإيران وحزب الله في لبنان؟! أي أن حماية "إسرائيل" وأمنها هي هاجس الرئيس في معظم هذه المواقف؟! ناهيك بالمواقف العنصرية التي كان قد اتخذها ضد مواطني 6 دول إسلامية إرضاءً للصهاينة، تحت ذريعة محاربة الإرهاب المزعوم وبعد فرض الحظر على تصدير النفط في فنزويلا وحرمان خزينة هذا البلد من ملايين الدولارات، وهو عضو في منظمة أوبك وينتهج سياسة مستقلة عن املاءات أميركا.
هذا القرار الإجرامي بحق دولة صديقة ومستقلة، جاء اقتراح آخر من عدد من أعضاء الكونغرس الأميركي يطالبون ترامب بإقامة قواعد عسكرية للجيش الأميركي في الفضاء الخارجي، بعيداً عن الأرض، بهدف مراقبة كل الأنشطة العسكرية والاقتصادية والاتصالات التي تجري تكريساً لسياسة أميركا لتلعب دور "الشرطي" على الأرض وفي الفضاء تأكيداً لسياسة ترامب العدوانية القائلة بأن "أميركا أولاً" في السماء وعلى الأرض وهي التي تقرر مصير العالم إذا شاءت وكيفما رغبت فهل هذا إنذار جديد بتهديد السلم العالمي الذي يحلم به ترامب؟