رسالة نيكولاس مادورو موروس إلى شعوب العالم حول الوضع في فنزويلا
بناء عليه، أود أن أعلمكم حول الموافقة على اعتماد أداة تشريعية خاصة جداً أطلق عليها إسم "قانون لمواجهة الحصار من أجل تنمية وطنية وضمان حقوق الشعب الفنزويلي"، وترتكز بشكل رئيسي على الدفاع عن إرث وسيادة وكرامة دولتنا من جهة وعن حق شعبنا في التمتع بالسلام والتنمية والرفاهية من جهة أخرى.
يعتبر هذا القانون جواباً قانونياً من الدولة الفنزويلية يتناغم بشكل كامل مع القوانين الدولية ويسمح بإنشاء آليات تهدف إلى تحسين مداخيل البلاد وتوفير حوافز منطقية ومناسبة تحت ضوابط مرنة من أجل تحفيز النشاط الإقتصادي الداخلي فضلا ًعن توفير تحالفات منتجة من خلال الإستثمارات الخارجية التي تدعم التنمية الوطنية.
ومن جهة أخرى وعلى الصعيد السياسي، يشرفني أن أجدد لكم أنه أمام الإعتداء الخارجي المتمثل بالتدابير القسرية الإنفرادية التي تفرضها حكومة الولايات المتحدة ضد فنزويلا، سوف تبقى رايتنا مرفوعة في سبيل تعزيز الديموقراطية وتعميقها.
وعلى الرغم من تفشي وباء الكورونا، تستمر التحضيرات بخطوات ثابتة من أجل إجراء الإنتخابات التشريعية المقررة في السادس من شهر كانون الأول المقبل والتي سوف يشارك فيها الشعب الفنزويلي بكثافة بهدف انتخاب برلمان وطني جديد.
سوف تشارك في خلال هذه الإنتخابات التي حددت شروط إجرائها بالتوافق مع شريحة واسعة من المعارضة الفنزويلية، نسبة أكثر من ٩٠ في المئة من الأحزاب السياسية المسجلة في المجلس الوطني الإنتخابي مع مجموع يبلغ ١٠٧ حزباً سياسياً من بينهم ٩٨ حزب معارض وأكثر من ١٤ ألف مرشح يتنافسون على ٢٧٧ مقعداً برلمانياً.
سوف تساهم نتيجة هذه الإنتخابات دون شك في تعزيز قوة صمود بلادنا وشعبنا الذي يقاوم بكرامة وحزم ضد العدوان الخارجي والذي يحافظ رغم جميع الظروف على روح المحبة والتضامن.
أيها الأصدقاء، بعد أن قمت بإفادتكم بهذين العنصرين المتعلقين بالوضع الراهن في فنزويلا، إسمحوا لي أن أطلعكم ببعض المعلومات المهمة التي سوف تظهر لكم بشكل أوضح حقيقة الوضع في فنزويلا.
منذ العام ٢٠١٤، أصدرت الولايات المتحدة قانونا و٧ مراسيم أو أوامر تنفيذية بالإضافة إلى ٣٠٠ إجراء إداري، يشكلون معا سياسة تعدي متعددة الأشكال ضد فنزويلا.
في خلال خمس سنوات، نجح الحصار في قطع التمويل عن فنزويلا وفي منعها من الحصول على الأموال اللازمة من أجل شراء المواد الغذائية والأدوية وقطع الغيار والمواد الأولية الضرورية لتفعيل النشاط الإقتصادي. وفي هذه الفترة، عرفت فنزويلا أكبر تراجع لمدخولها الخارجي في تاريخها، بلغ نسبة ٩٩ في المئة.
منعت الولايات المتحدة، بيع المحروقات الفنزويلية التي تشكل المنتج الأساسي في التصدير وفي العائدات الضريبية. في هذا الإطار ومنذ بداية انتشار وباء الكورونا تفاخرت الولايات المتحدة علنا بأنها أوقفت سفنا تنقل المنتجات اللازمة لفنزويلا من أجل إنتاج النفط وتزويد الأسواق الداخلية بكمية النفط التي تحتاج إليها، مما أدى إلى تفاقم الأزمة الإقتصادية.
ومن خلال إعتمادها هذا الإجراء غير القانوني، قامت الولايات المتحدة بمصادرة أموال وأصول شركة النفط الفنزويلية PDVSA والتي تملك مجموعة من المصافي على الأراضي الأمريكية تبلغ قيمتها أكثر من ٤٠ مليار دولار أمريكي.
تشكل هذه الإجراءات، حصارا وحشيا يطبق ضد الشعب الفنزويلي وصفه الخبير المستقل في لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، السيد "ألفريد دي زاياس" Alfred de Zayas على أنه "جريمة ضد الإنسانية".
في هذا الإطار، أصدر مركز بحوث السياسة الإقتصادية في الولايات المتحدة، تحقيقا حول الحصار في فنزويلا، أفاد من خلاله العالم في الإقتصاد الأمريكي السيد "جيفري ساش" Jeffrey Sachs وهو المساعد الخاص لمنظمة الأمم المتحدة حول أهداف التنمية المستدامة، بأن الحصار على فنزويلا قد تسبب في مقتل نحو ٤٠ ألف شخص ولهذا السبب يجب إعتبار العقوبات المفروضة "عقوبات جماعية ضد الشعب الفنزويلي".
في بيان رسمي مفاجئ صدر في شهر كانون الثاني ٢٠١٨، أقرت وزارة الخارجية الأمريكية أنها اتخذت قرارات غير قانونية قائلة:
"إن حملة الضغط ضد فنزويلا تعمل. ساهمت العقوبات المالية التي فرضناها، في إغراق الحكومة وشركتها النفطية PDVSA في الدين. وما نشهده (...) ليس إلّا إنهياراً كاملاً للاقتصاد في فنزويلا. وبالتالي، فإن سياستنا تعمل وإستارتيجيتنا تعمل وسوف نستمر في تطبيقها".
إنه اعتراف بإرتكاب جريمة دولية وعمل وحشي ضد الإقتصاد الفنزويلي وهو جريمة ضد الإنسانية تهدف إلى إلحاق الضرر بدولة فنزويلا وشعبها.
يعتبر تطبيق التدابير القسرية الإنفرادية التي تلطف بالقول أنها "عقوبات"، سياسة رفضتها الجمعية العامة التابعة للأمم المتحدة مرات عديدة خاصة وأنها تتناقض مع القانون الدولي وتنتهك ميثاق منظمة الأمم المتحدة.
وبناء على كل ما قيل أعلاه، لجأت فنزويلا بتاريخ ١٣ شباط الماضي إلى المحكمة الجنائية الدولية وقدمت شكوى ضد جميع الأفراد المتواجدين في الولايات المتحدة والذين ارتكبوا هذه الجرائم الفظيعة ضد الإنسانية. وأنا على ثقة أنه عاجلا أم آجلا، سوف تنظر العدالة إلى فنزويلا بموضوعية وسوف تعاين الضرر الكبير الذي سببته الولايات المتحدة لشعب مسالم ومحب وكادح.
وإذ أشكركم على اهتمامكم بمضمون هذه الرسالة، التي آمل أن تكون قد أطلعتكم بشكل صحيح على الوضع الحقيقي في فنزويلا، أنتهز هذه المناسبة لأشكركم على تضامنكم الدائم مع فنزويلا. معا سوف ننتصر!.
نيكولاس مادورو موروس
رئيس الجمهورية البوليفارية الفنزويلية