الأربعاء، تشرين(۲)/نوفمبر 13، 2024

رجال الأعمال، والمستعمر والخوف

لبنان
من المضحك أن نتوقّع من اجتماع يحضره أمراء الحرب الأهلية، ورجال الأعمال وورثة كاتبي السياسات الاقتصادية النيوليبرالية التي أوصلتنا إلى حيث نحن، قرارات لمصلحة الطبقة العاملة والمُهمّشة. خرجوا من الاجتماع كما دخلوا، بجيوب مثقلة بثرواتنا وضمائر غير آبهة لما اقترفوا. في صراعنا اليومي في هذه المنطقة، لا يُخفى علينا من هم أعداء الداخل وناهبيه، ولا تُخفى نهاية الطريق التي يسيّروننا عليها، لا يُخفى إلّا سرّ قدرتهم المتجدّدة على تخدير الأغلبية وتغريبها عن مصالحها.

في المقلب الآخر، لم يستفِق الصهاينة من صدمة ما جرى. لم يستفيقوا بعد من مقتل جنودهم، لكنّهم بالأساس لم يستفيقوا ممّا يواجهون. فبداية تحدّي المستعمَر له، هي أصعب اللحظات التي يمرّ بها المستعمِر. بالنسبة له هي بداية انقلاب الموازين، حين لا يهاب المستعمَر الموت، والأسوأ يحصل حين لا يهابه هو بعظمته وأسلحته ونياشين جرائمه وكلّ أساطيل الإمبريالية المتكدّسة خلفه.
وفي هذه المواجهة، يكون العنف كما يعرّفه فرانز فانون "إعادة خلق الإنسان لنفسه" كمستعمَر، كمسحوق، كمن تمّ نقش كلمات في رأسه لسنين طوال بأنه لا معنى له، بأن تاريخه لا قيمة له، بأن أيامه التي مضت وتلك التي ستأتي لن يكون لها أثر في العالم. هذا الذي تعلّم بأن التاريخ لا يعرفه، يقف في لحظة ما ويشدّ التاريخ العظيم المخيف من ياقته، ويجبره على النظر إليه. يدير وجه التاريخ في تلك اللحظة ويقول له: "أنظر إليّ أتحدّاه. أنظر كيف أبصق في وجه سرديته التي تهزأ منّي. أنظر إليّ، أنا الذي لا أخاف".
في طريق الانتصار على المستعمِر، خطوات صغيرة صغيرة، لكنّها تؤذي وتوجع، أصعبها عليه حين يدرك أنّه فشل في إخافتنا. وفي طريق صراعنا مع أعداء الداخل، ناهبي الثروات من أبناء جلدتنا، لا ضرر من استخدام التكتيك ذاته. لا ضرر، أن يعرفوا أنّ لا شيء ممّا يفعلونه يخيفنا.