الخميس، تشرين(۲)/نوفمبر 14، 2024

المؤتمر المتوسطي الرابع لأحزاب اليسار: قوة دفع واستنهاض

عربي دولي
شكّل "المؤتمر المتوسطي الرابع لأحزاب اليسار"، الذي عُقد في بيروت على مدى ثلاثة أيام أواخر آذار الماضي باستضافة "الحزب الشيوعي اللبناني"، مناسبة لإعادة التأكيد أن العدو هو الإمبريالية بكافة أشكالها. وقد التقى 31 حزباً يساريّاً فيه، وتعمّقوا في نقاش أغلب القضايا التي تواجه ضفّتي المتوسّط. وأكّد المشاركون على ضرورة تعزيز التضامن في ما بينهم لمواجهة الصعود اليميني في العالم وسياسات القمع والإفقار التي تواجه الشعوب. كما دعوا إلى مواجهة محاولات الولايات المتحدة وحلفائها لفرض هيمنتها على الشرق الأوسط ومقدّرات شعوبه. يُذكر أنّ المؤتمرات السابقة عُقِدت خلال الأعوام الثمانية الماضية في إيطاليا، تركيا وإسبانيا.


افتتح المؤتمر بالنشيدين الوطني والحزب الشيوعي اللبناني. ثم كانت الكلمة لأمين عام للحزب الشيوعي اللبناني حنا غريب رحّب فيها بالمشاركين والحضور، آملاً أن "يحقق المؤتمر هدفه في تجميع الطاقات وتوحيد جهود القوى اليسارية ليشكّل قوّة دفع واستنهاض لشعوب العالم وبلدان المتوسط التي تنتظر من اليسار دوراً أوسع وقدرة أكبر في التغلب على التحديات"، معتبراً أن "القدرة على الانخراط بكل الوسائل المناسبة في مقاومة الإمبريالية وأدواتها" في مقدمة هذه التحديات، وبالأخص في ظلّ التطورات الحاصلة حيث أن "قرار ارئيس الأميركي دونالد ترامب بإعطاء القدس عاصمة للكيان الصهيوني يضرب كل القرارات الدولية ذات الصلة، بما فيها القرار ٢٤٢".
كما أكّد غريب أن المؤتمر يشكّل "دعوة من أجل إطلاق سراح كل المعتقلين والأسرى في سجون العدو الصهيوني، وفي مقدمتهم الرفيق المناضل الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أحمد سعدات ومروان البرغوثي ويحيى سكاف وسائر المعتقَلين". ودعا في هذا الصدد "الدولة اللبنانية لتحمل مسؤولياتها أيضاً للعمل على تحرير الأسير جورج عبدالله المعتقل ظلماً وعدواناً في السجون الفرنسية".

ثم كانت كلمة لنائبة رئيس حزب اليسار الأوروبي ماتي مولا، والتي استهلّتها بتوجيه الشكر لـ "الشيوعي اللبناني" لاستضافته المؤتمر. وقدمت شرحاً حول أعمال وبرنامج المؤتمر، مؤكّدة أن "الرأسمالية والإمبريالية عدوّان قويّان جدّاً"، ما اعتبرته يتطلّب "وحدة اليسار لمحاربتها من أجل عالم آخر يسوده السلام والأمن ويحترم حقوق الإنسان في مجتمع تتساوى فيه المرأة مع الرجل". وأكّدت مولا أن "زيارة وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو إلى لبنان، أتت في سياق دعم الولايات المتحدة الأميركية للكيان الصهيوني".

مقاومة الإمبريالية، الصراعات في الشرق الأوسط، ودور الإسلام السياسي في مستقبل الشرق الأوسط
حملت الجلسة الأولى هذا العنوان. أدارتها ماتي مولا وكان مقررالجلسة نكتاريوس بوغدانيس ممثل حزب سيريزا، اليونان.

كانت الكلمة بدايةً للحزب الشيوعي اللبناني، ممثلاً بأمنيه العام حنا غريب، الذي اعتبر أن "استخدام المشروع الإمبريالي، بأدواته المتنوعة، للطبيعة الكولونيالية التبعية لغالبية الأنظمة العربية، في سعيه إلى توفير البيئة الحاضنة والداعمة فعليّاً للكيان الصهيوني وللمجموعات الإرهابية المتنوّعة المشارب والأصول"، مشيراً إلى "تحكّم الظروف التاريخية الموضوعية في أن تتصدّر البرجوازية العربية موقع القيادة مكان حركة التحرر الوطني العربية، والتي مارست الخيانة الوطنية الصريحة عبر تعاملها الملتحق والمتواطئ مع المشروع الإمبريالي الحاضن للمشروع الصهيوني الاستيطاني على أرض فلسطين".

بدورها تحدّثت ممثلة حزب اليسار الألماني جوليا ويدمان عن سياسة الاتحاد الأوروبي في الشرق الأوسط، حيث قالت أن "مصالح الاتحاد الأوروبي تتمثّل في الاقتصاد، والدخول إلى الأسواق، ووصوله إلى مصادر الطاقة، وضبط حدوده، كي لا يدخل المهاجرون أراضيه"، وهو ما اعتبرته "سبباً للجدال القائم في الاتحاد الأوروبي مع القوى اليمينية في دوله". وفي هذا السياق أكّدت ويدمان أن "مصلحة الاتحاد الأوروبي في استقرار منطقة الشرق الأوسط كبيرة، وليس في أولوياته نشر الديمقراطية وحكم القانون في الشرق الأوسط، بل هو هدف يحمي حدودها ويرفع من تأثيرها على دول الشرق الأوسط من خلال محاربة المجموعات الإرهابية وبناء العلاقات مع الحكومات الشرق متوسطية"، متطرقة إلى سياسة العسكرة والتسلح والاتفاقات الدفاعية التي يتّبعها الاتحاد الاوروبي، والأدوات التي يستخدمها، مستعرضة بعض الأمثلة.

أما عضو البرلمان الفلسطيني ماهر الطاهر، وهو ممثل الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، فقد تطرّق إلى ما تواجهه قضية فلسطين من مخاطر استراتيجية كبرى غير مسبوقة منذ العام 1948، عارضاً "واقع التشرذم والصراعات المذهبية والطائفية والحروب الداخلية"، معتبراً أن "الإمبريالية الأميركية تستهدف تصفية القضية الفلسطينية بجميع أبعادها" وأنه "ليس أمامنا من خيار إلاّ المقاومة العربية الشاملة من فلسطين ولبنان وسوريا وعموم المنطقة".

ثم كان الحديث لممثل حزب الحرية والتضامن التركي يوسف تونا، والذي أشار إلى أن "منطقة الشرق الأوسط تحفل في القتال حيث الجهات الفاعلة الإمبريالية متعطشة لإشعال الحروب في بلدان الشرق الأوسط ومصادرة الثروات، مشدّداً على أن "الصراع هو صراع من أجل الديمقراطية بينما جميع الأدوات والجهات الفاعلة المكونة ليست ديمقراطية البتّة".
وشرح تونا أن "ما يسمى بصراع الحضارة أصبح حقيقياً من قبل القوى الإمبريالية" بسبب "نفس أيديولوجية الليبرالية الجديدة التي أعطت الشرعية لأعمال الإمبريالية تحت تسمية الديمقراطية بعد التدخلات العسكرية للجماعات المسلحة التي كانت مدعومة من الإمبريالية في الأساس".

المقاربة اليسارية لحق الشعوب بتقرير المصير

عنوان الجلسة الثانية أعلاه أخذ حيّزاً كبيراً من النقاش، بإدارة ممثلة الحزب الشيوعي الاسباني مانو بينيدا، وتقرير ممثل الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين مروان عبد العال.

تحدّثت بدايةً عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي اللبناني يانا السمراني ، التي شرحت بدايةً السياق التاريخي لبروز مطلب حق تقرير المصير والتي اعتبرت في سياق شرحها أن "شعار حق تقرير المصير يعود في يومنا هذا إلى الظهور، وبالأخص في البلدان التي لم تحل بشكل صحيح قضيتها القومية، كما في الدول الرأسمالية المتقدمة في أوروبا، رغم الاعتقاد السابق أن العولمة سوف تساهم في ذوبان الشعوب وثقافاتها المختلفة".

لاحقاً كان الحديث لممثل حزب الشعوب الديمقراطي التركي بركات كار، والذي تحدّث عن حق تقرير المصير بوصفه مفهوماً ماركسياً وليس أمريكيّاً خاص بمبادئ الرئيس ولسون بعد الحرب العالمية"، مقدماً شرحاً حول النموذج التركي، حيث إن "الدولة التركية لا تعترف بالقوميات الأخرى وتعتبر أن القوميات الأخرى عليها خدمة الاتراك". وأشار إلى أن "واجب اليسار في المنطقة العربية أن لا يوافق على اضطهاد القوميات، وأن القضية ليست بالانفصال وخاصة أن الأكراد على سبيل المثال يؤازرون القضية الفلسطينية في مواجهة العدو الصهيوني الإمبريالي".

بدوره تحدّث ممثل الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين أركان بدر، حيث أكّد على "حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير وضرورة الكفاح للفوز به"، معتبراً أن "اتفاق أوسلو شكّل انقلاباً على البرنامج الوطني وعلى قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة بالقضية الوطنية الفلسطينية". وأضاف بدر أن "الكيان الصهيوني بنفسه قد تخطّى أوسلو"، مشدّداً على "ضرورة رسم سياسة خارجية عربية ودولية، تخدم المنحى الكفاحي لشعب فلسطين، وتنزع الشرعية من الاحتلال"، مؤكّداً على أن "مقاومة الشعب الفلسطيني لن تتوقّف حتى دحر الاحتلال وإفشال قانون القومية اليهودي وصفقة القرن الترامبية وإقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس".

وفي ختام الجلسة، تحدّثت ممثلة البوليساريو نجاة حمدي حول الصحراء الغربية، والتي اعتبرتها "قضية تصفية استعمار فالإقليم صُنّف كإقليم غير محكوم ذاتيّاً من قبل الأمم المتحدة عام 1963 عندما كانت الصحراء الغربية لا تزال مستعمرة إسبانية". وشدّدت على أنه "من المفترض أن يتمتّع الشعب الصحراوي بحقّه غير القابل للتصرف في تقرير المصير، وأن يقرّر وضعية بلده بطريقة نزيهة، ديمقراطية، وحرة". ثم تحدثت عن "عرقلة استفتاء تقرير المصير، بالإضافة إلى تنفيذ سياسات توسعية دائمة تهدف إلى تغيير الوضع الراهن في أجزاء من الجمهورية الصحراوية التي لا تعترف الأمم المتحدة بأي سيادة أو سلطة قضائية مغربية عليها".


النزوح واللاجئين: تجارب دول المتوسط
استكمل المؤتمر أعمال يومه الثاني بجلسته الثالثة التي حملت العنوان أعلاه. أدارتها دلال جيميكلي من حزب الشعوب الديمقراطي التركي، وكان مقرّر الجلسة جون رودريغيز (اليسار الموحد - اسبانيا).

بداية، قدّمت آنا ميكولا ممثلة من تحالف اليسار الفنلندي لمحة عن سياسات الاتحاد الأوروبي التي تزيد مأساة اللاجئين إضافة إلى غرقهم. ثم تحدّثت عن المنظمة الدولية للهجرة (IOM) التي تساعد الحكومات على إعادة المهاجرين، إضافة إلى بعض الجمعيات غير الحكومية والممولة من قبل الاتحاد الأوروبي. وتطرقت إلى مخططات الاتحاد الأوروبي "لإنشاء مراكز الاستقبال في الدول المجاورة للاتحاد الأوروبي، على الرغم من عدم موافقة تلك الدول"، مشيرة إلى أن "ممارسات الاتحاد الأوروبي القمعية في معاملة المهاجرين وخاصة اللاجئين لا تقتصر على البحر المتوسط"، عارضة "محطات عن أزمة اللاجئين وكيفية التعامل معها في دول أوروبا الشمالية".

أما الخبير الاقتصادي د. كمال حمدان من مؤسسة البحوث والدراسات قدّم مداخلة حول "أزمة النزوح السوري من المنظار اللبناني في أبعادها المتعددة"، استهلّها بعرض مقدمة حول ظاهرة تفاقم "أزمة اللاجئين عالمياً كنتاج لفشل النيولبيرالية". ثم تطرق إلى الوضع في "لبنان وحجم ظاهرة النزوح ودلالاتها المتنوّعة". كما قدّم حمدان آليات عمل حول ملفّ النزوح ومهمّات القوى اليسارية في المنطقة، داعياً "القوى والحركات اليسارية والديمقراطية في لبنان ومنطقة البحر المتوسط إلى تنسيق وتفعيل جهودها المشتركة من أجل الحدّ من مخاطر اتساع دائرة النزاعات المسلّحة والحروب في هذا الجزء الحيوي من العالم". وتطرّق أخيراً إلى ما اعتبره "أولويّات يجب أن تنصب الجهود عليها" في هذا الملف.

من جهتها، تحدثت د. عروب المصري (حزب الإرادة الشعبية ــ سوريا)، عن ملف اللجوء السوري، متناولة "عودة اللاجئين كملف وطني"، التي باتت "واحدة من العناوين الأساسية التي انتقلت إلى الواجهة منذ صيف العام 2018، بعد أن أعلنت روسيا مبادرتها لإعادة حوالي 1,5 مليون لاجئ أبدوا رغبتهم بالعودة من الإقليم على الأقل"، مشيرة إلى أن الموقف الغربي حول هذا الملف "يبدو إنسانياً إلى حد ما، وخاضعاً لمحددات مفوضية شؤون اللاجئين للأمم المتحدة، لكنّ وراءه الكثير من التسييس"، شارحةً الأغراض السياسية منه.

بدورها، عرضت مار سابي داوزا ممثلة جمعية الأيادي المفتوحة الاسبانية فيلماً وثائقياً عن دور الجمعية في تقديم المساعدة للمهاجرين في البحر المتوسط عبر إنقاذهم وإسعافهم، لاسيّما وسط ظروف مناخية صعبة، مشيرة إلى أن "الجمعية ساهمت في إنقاذ ستة آلاف مهاجر من الغرق خلال بضعة أشهر". ولفتت أن "اسبانيا ساهمت في استقبال 630 ناجياً، إنما في المقابل، رضخت لضغوط سياسية أوروبية بسبب اقتراب موعد الانتخابات، حيث منعت سفن عدة من العمل". وشدّدت داوزا على أن "غياب الجمعيات غير الحكومية عن البحار يؤدي إلى غياب تام للشاهد عمّا يحدث من مأساة للمهاجرين فيها، خاصة في ليبيا"، مستعرضة بعض الأمثلة حول عرقلة دول عربية وأوروبية لهذه القضية الإنسانية وعدم تعاونها لإنقاذ اللاجئين.

نضالات النساء والنضال الديمقراطي والاجتماعي لشعوب المنطقة

أدار هذه الجلسة مرات كناتلي من حزب قبرص الجديدة، وكان المقرر فيها جيانماركو بيزا من حزب إعادة التأسيس الشيوعي الإيطالي.

كان الحديث بدايةً لممثلة حزب سيريزا اليوناني كوستادنكا كونيفا، والتي اعتبرت بحر المتوسط "بحر سلام وتعاون اليوم بات يفصلنا عن بعض، ومقبرة مائية للآلاف من المهاجرين واللاجئين الذين يبحثون عن الأمان والملجأ في "أوروبا القوية"، مشيرة إلى أنه "يحوي الصراعات الجدية والأكثر دموية في وقتنا الحالي، من حرب سوريا، إلى الإبادة العرقية الفلسطينية الأكثر دموية والأطول في التاريخ الحديث، إلى جانبي الاحتلال العسكري لشمال قبرص". واعتبرت كونيفا أن سلام منطقة المتوسط يتطلب "حضور وتدخل عال ودمج القوى والأفكار لخلق شبكة للمنظمات النسوية والمجموعات والشخصيات في دول المتوسط، للتخطيط والتواصل، على الصعيد الوطني والعالمي في سلام المتوسط".

ثم كان الحديث لفتحي الفضل عن الحزب الشيوعي السوداني، الذي أكّد أن "الثورة مستمرة في الشهر الرابع، لإسقاط النظام الديكتاتورية" معتبراً أن "تحالف الشر للإدارة الأميركية وحكومات الترويكا يلعبان دوراً مهماً لانقاذ نظام الإخوان المسلمين في السودان". وأشار في هذا الصدد إلى " الاستفادة الكبيرة من تشكل مركز واحد للمعارضة السودانية، لقيادة الحراك الجماهيري"، معتبراً أن "التجارب المصرية والتونسية كانت مثالاً ودرساً لهم". كما اعتبر أن "لا نظام بالمنطقة إرهابي أكثر من نظام البشير، فهو قد قتل حوالي مليون شخص في بلده".
وختم أن "مطالب العدالة الاجتماعية والحرية والسلام والثورة تاريخ الشعب".

كمال عمروسية عن حزب العمال التونسي هاجم القمة العربية، معتبراً أنها "لن تهتم للقضية الفلسطينية وحرب اليمن وسوريا، ولن تهتم طبعاً ليوم المرأة الذي لا يهم سوى القوى اليسارية". وتحدّث عن "نضالات المرأة التونسية، التي كانت في الصفوف الأمامية للصراعات في تونس وفي المهمات الأساسية بعد الإطاحة بالسلطة"، مشيراً إلى شتّى النضالات العمالية والنقابية بهدف الوصول إلى مساواة المرأة مع الرجل. وأكّد أنه في المراكز السياسية، بات هناك تناصف. وختم "لا يمكن للشعوب أن تتقدم وتتحرر ونصف هذه الشعوب يعيش في قمع واستغلال".

أمّا ممثل اتحاد المعلمين المصريين عبد الناصر اسماعيل سالم، فتحدث عن "وضع النقابات وقطاع التعليم، التي كانت دفعاً أساسيّاً لحركة المعلمين المستقلين"، معتبراً أن "قانون النقابات العمالية الجديد قسم معظم النقابات المستقلة، شارحاً عن قطاع التعليم الذي يشمل حوالي مليون عنصر، وانتخابات النقابة ثاني أكبر انتخابات بعد الرئاسية. وأشار ختاماً إلى "التعدي على الحريات العامة حيث تعرض المعلمين في الفترة الأخيرة إلى التحقيق على خلفية هاشتاغ للمطالبة بالحقوق، منهم من توقفوا عن العمل لثلاثة أشهر بدون أجر، ومنهم من طرد ومنهم من حوكموا" مؤكّداً أن الوضع النقابي في مصر "في منتهى السوء".

اتفاقيات التجارة النيوليبرالية في المنطقة والأزمة الرأسمالية
الجلسة الخامسة هذه أدارها بنجامن بورباومر (منظمة معاً - فرنسا) والمقرر هاندي توهانوغلو (حزب الحرية والتضامن التركي).

بداية، تحدث ممدوح حبشي (التحالف الشعب المصري) عن الخصائص الجديدة لليبرالية جديدة لدول الأطراف والوضع في مصر، متناولاً "تردي الوضع الاقتصادي والاجتماعي في مصر جرّاء سياسات الحكومة التي أدّت إلى تدمير الطبقة الوسطى حيث باتت الخدمات الصحية والتعليم والإسكان حكراً على النخبة جرّاء نفقاتها المرتفعة". وأشار إلى "تمرير عمليات غير مسبوقة لخصخصة المرافق العامة، ورضوخ الرئيس عبد الفتاح السيسي لإملاءات صندوق النقد الدولي بالرغم من تداعياتها على الاقتصاد المصري وإغراق مصر بالديون". وختاماً تطرّق حبشي إلى "سياسات التضييق على الحريات العامة وملاحقة قوى المعارضة".

أما، سعيد السكتي (النهج الديمقراطي المغربي) فقد تحدث عن المفاوضات والاتفاقيات بين المغرب والاتحاد الأوروبي التي "عززت مظاهر الاستعمار الجديدة، عبر تعزيز مصالح الخاصة ودولة ذات نظام انتاج كولونيالي حديث". وأشار إلى أن "المغرب اختار إدخال تيارات في منطقة التبادل الأوروبية والاستثمارات الرأسمالية العالمية، مما حول اقتصاد البلد إلى الاقتصاد المفتوح، الذي أخذ اسمه في بداية العام ١٩٨٤ مع تطبيق خطط التكييف الهيكلي المفروضة من قبل صندوق النقد الدولي". واستعرض ختاماً أمثلة عن الاتفاقيات الموقعة بين الاتحاد الأوروبي والمغرب، داعياً قوى اليسار الأوروبي والمغربي إلى التعاون والتوحد لتعزيز الصراع باتجاه عالم العدالة والكرامة الإنسانية.

واختتمت الجلسة بمداخلة الخبير الاقتصادي د. غسان ديبة (الحزب الشيوعي اللبناني) حول "تحالف تقدّمي من أجل المتوسّط"، تناول فيها اتفاقيات الشراكة الأورو- متوسطية وضرورة مقاربتها في سياق العولمة والتجارة الحرّة وحالة الاتحاد الأوروبي ومنطقة اليورو، عارضاً "ستة تحدّيات آنيّة للرأسمالية". كما تناول ديبة مراحل اتفاقيات الشراكة الأورو ـــ متوسّطية التي بدأت في العام 1995، مشيراً إلى "أن الاتفاقيات هي في الأساس اتفاقيات اقتصادية لها جانبان، هما إلغاء التعريفات الجمركية والحواجز التجارية غير الجمركية والمفاوضات الثنائية نحو مجالات تجارة حرّة عميقة وشاملة".
وأكّد ديبة "أن الرأسمالية تدخل مرحلة جديدة من الرأسمالية الاحتكارية إلى جانب ارتفاع الدخل وعدم المساواة والثروة"، مستعرضاً الوضع في أوروبا والجنوب. وفي هذا السياق شدّد على "ضرورة وجود اتحاد أوروبي بديل"، مؤكداً أن "البديل اليساري في أوروبا هو الذي سيشكّل مثل هذه المساحة في المستقبل".

الطاقة والصراع على الموارد الطبيعية في المنطقة
وهي الجلسة السادسة التي اختتمت أعمال المؤتمر يوم الأحد 31 اذار الماضي، والتي أدارها عضو المكتب السياسي في الحزب الشيوعي اللبناني د. عمر الديب، وكان مقررها جمال أبو نحل.

تحدثت بدايةً انغر جوهانسن ممثلة اليسار الدانماركي عن "كيف يمكن لليسار أن يدمج بطريقة أفضل السياسات الخضراء بالسياسات الاقتصادية للأحزاب"، مشيرة إلى أن "اليسار ما زال متأخراً بعض الشيء في إدراك أهمية السياسات الخضراء، مما يؤدي إلى عواقب وخيمة على شعوب الجنوب، كما أن السياسيين لا يبذلون جهداً، لذا نتوقع الأسوأ وعلينا البدء من المستوى السياسي". وتطرقت إلى "تغيير المناخ وتأثيره على الإنتاج الرأسمالي". وقدّمت لمحة عن تأثيرات التغييرات المناخية على بعض المناطق، محذرةً من "تفاقم الكوارث الطبيعية". وأكدت ختاماً على "ضرورة التحرك الطارئ للأحزاب اليسارية للعمل على التوقف عن استخدام الطاقة الأحفورية، واعتماد الطاقة المتجددة في الزراعة كالطاقة الهوائية والمالية".

وعرض جاسم الحلفي من الحزب الشيوعي العراقي، مداخلة عن "أزمة السياسة النفطية في العراق - جولة التراخيص النفطية نموذجاً"، حيث أكّد أن "النفط بات سبباً للحروب في العراق وعاملاً للإضعاف بدلاً من أن يكون عاملاً للتنمية والرقي والبناء"، مشيراً إلى أن "السياسة الاقتصادية في العراق أدت إلى تعميق السمة الاحادية للاقتصاد وطابعه الريعي". وتطرق إلى "تزايد الحركات الاحتجاجية الاجتماعية والنقابية والسياسية"، عارضاً "خطة الحزب الشيوعي العراقي لمواجهة هذه الأزمة عبر تبني استراتيجية تنمية مستدامة، واعتماد خطط تنموية متوسطة وقصيرة الأجل، تهدف إلى توسيع وتنويع وتحديث قاعدة الاقتصاد، وتنمية القدرات البشرية، توظيف العوائد النفطية لأغراض الاستثمار والتنمية".

بدوره تناول نيلسون بيرالتا ممثل تكتل اليسار في البرتغال، "الاتفاقيات التي تبرم في الدول للحد من التغيرات المناخية"، متسائلاً "لماذا يتناول الجميع الحد من التغيير المناخي والانبعاثات في الوقت الذي تتزايد فيه هذه التغيرات". وتحدث عن "خطر ذوبان الجليد وتأثيره على زيادة الانبعاثات وارتفاع معدل ثاني أوكسيد الكربون في الجو في بلدان الشرق الأوسط بسبب قطع الأشجار والإفراط في استخراج الموارد الطبيعية مثل تحويل النفط إلى وقود".
وشدّد على أن "أسباب تفاقم هذه الكارثة هو النظام الرأسمالي وسياساته"، داعياً إلى "ترك النفط في الأرض وقاع البحار والبحث عن طاقات بديلة، والتركيز على عدم الافراط في استخراج وإنتاج الطاقة الأحفورية، والعمل على استبدالها بالطاقة الخضراء".

وتطرق ميشال شعبان من حزب أكيل - قبرص، إلى موضوع "الطاقة والموارد في البلدان"، معتبراً أن "الرأسمالية تسعى للسيطرة على بلدان أخرى بهدف تعزيز السيطرة الجيو- سياسية لإضعاف الدول، وسط تدخل أميركي مفضوح وسعيه في إعادة رسم خريطة للدول، كقرار ترامب الأخير بإعلانه سيادة الاحتلال الصهيوني على الجولان واعترافه غير الشرعي أن القدس عاصمة لإسرائيل". وأكّد شعبان على "ضرورة معرفة استخدامنا للموارد الطبيعية بحكمة"، مشدداً على "ضرورة تحويل هذه الموارد الطبيعية إلى عوامل سلام وليس عوامل عسكرة".

تحية يوم الأرض والختام
نفّذ المشاركون خلال أيام انعقاد المؤتمر وقفة تضامنية مع فلسطين لمناسبة يوم الأرض يوم السبت ٣٠ آذار الماضي أمام مبنى الاسكوا - وسط بيروت، تخللتها كلمات لكل من الحزب الشيوعي اللبناني، الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، الحزب الشيوعي السوداني، وحزب اليسار الأوروبي.
واختتم المؤتمر أعماله بعرض مقررات للجلسات وتوقيع بيان تضامني مع فنزويلا، تسلمته الوزيرة المفوضة في السفارة الفنزويلية عميرة زبيب.
وصدر عن المجتمعين بياناً ختامياً تضمن تحليلاً للواقع السياسي مع خطوات عملية مستقبلية محددة للتعاون والعمل المشترك.
كما شارك في الجلسة الختامية وفد كوبي تألف من رئيسة اللجنة البرلمانية في البرلمان الكوبي والسفير الكوبي ألكسندر موراغا، الذي ألقى كلمة دعا فيها إلى "تكثيف الجهود لمحاربة الإمبريالية".