الهجمة الاميركية وفشل أهدافها في كوبا وفنزويلا
لذلك خاب ظن الدوائر الإمبريالية ورهانها على اندثار الثورة، بعد رحيل قائدها فيديل. واستمرت خيبتها مع قيادة راؤول كاسترو للدولة. وها هو الرئيس الجديد ميغيل دياز كانيل، يأتي من خارج القادة التاريخيين، وعمره قريب من عمر انتصارها. وتزداد مشاركة الكوادر الجديدة في هيئات قيادة الحزب والدولة. وهذا ما عبّر عنه عضو سكريتاريا اللجنة المركزية، ورئيس الوفد الكوبي هورهي كويفاس في اللقاء مع أمين عام الحزب الشيوعي اللبناني حنا غريب وقياديين آخرين، في مقر الحزب في بيروت، مبرزاً أيضاً استمرار السياسة العدائية الأميركية ضدّ كوبا وتحريض الرئيس دونالد ترامب للذين هم من أصل كوبي في الولايات المتحدة، لإقامة دعاوى في المحاكم الأميركية، استناداً إلى قانون هيلمز بورتون 1996، بغرض استصدار أحكام بحقّهم في ملكياتهم الخاصة في كوبا ما قبل الثورة. علماً أن سلطة الثورة دفعت للمالكين تعويضاً ماليّاً، ما عدا للذين هاجروا إلى الولايات المتحدة، بسبب رفضهم قبول مبدأ التعويض، متوهمين بأن الثورة ستسقط، وسيعودون قريباً، بدعم من الولايات المتحدة. ويستخدم الرئيس ترامب هذا التحريض لمصلحته الانتخابية في العام المقبل وضد كوبا .
وارتباطاً بطبيعة الرأسمالية وأزمتها التي لا شفاء منها، تزداد شراسة الامبريالية، وحاجتها إلى نهب ثروات الشعوب، لترميم أزماتها وإطالة عمرها، ولمضاعفة أرباح احتكاراتها. ويشكّل المخطط الأميركي الهجومي في مختلف مناطق العالم مظهراً لتوحّش الرأسمالية المأزومة وخطرها، وللخوف الذي عبّر عنه الرئيس ترامب من البديل الاشتراكي، بتصريحاته المتكرّرة بأنه سيقضي على الاشتراكية وتيارها في القارة الأميركي.
ومع كلّ هذه السياسات العدائية والحصار الاقتصادي المشدّد، المفروض على كوبا، يستمر صمودها، واتخاذها تدابير اقتصادية داخلية، تحدّث عنها كويفاس، أبرزها، توسيع الرقعة الزراعية، بتقديم حوالي 160 ألف هكتار جديد، صالحة للزراعة، لإنتاج مواد غذائية وعلف للحيوانات، لتقليص حجم الاستيراد، وضبط استهلاك النفط، والاستفادة من مميزات كوبا الجميلة المعروفة بلؤلؤة الكاريبي، لاستقدام المزيد من السياح. إضافةً إلى الاهتمام بالدور الدفاعي والأمني تعزيزاً لصمود كوبا والطابع الاشتراكي لثورتها.
الفشل الأميركي في فنزويلا
ويؤكد التدخل الأميركي السافر ضد فنزويلا وفشله، عداء إدارة واشنطن لأي بلد ينتهج سياسة تحررية واستقلالية. وأنها تطمع بثروات فنزويلا الضخمة من البترول والغاز والمعادن الثمينة. وتخشى تأثير نهجها التحرري في المدى الأميركي اللاتيني. لكنها فشلت في إسقاط الرئيس نيكولاس مادورو، رغم تعدد محاولاتها الانقلابية، وحربها الاقتصادية، وعقوباتها ضد شعب فنزويلا. وقد جاء انكشاف "قيادات" المعارضة الفنزويلية برئاسة غوايدو، وجماعته وممثليه في كولومبيا، بسرقتهم الأموال التي دفعتها الولايات المتحدة لدعم غوايدو، مرشحها للرئاسة، ولمساعدة مئات الجنود الفنزويليين الذين فرّوا إلى كولومبيا، الموعودين بالمساعدة المالية، ليساندوا غوايدو، لتشكل فضيحة مدوّية، ترافقت مع بيع مئات الأطنان من المواد الغذائية، والتي كان من المفروض توزيعها على المواطنين في كولومبيا، وتصرّفوا بأثمانها لقضايا شخصية. مما جعل حتى لويس ألماغرو، رئيس رابطة منظمة الدول الأميركية، المتآمر على فنزويلا ومادورو، مستهجناً أن يكون من دعمته واشنطن، وسخّرت "مجموعة ليما" في القارة الأميركية لمساندته، هو من هذا النوع الخسيس. وهذا إلى جانب فشل المحاولات الانقلابية، ما فرض على الرئيس ترامب مؤخّراً، الصمت والتراجع العلني عن المطالبة بإسقاط مادورو.
إن المشهد العام لعالم اليوم، يكشف بوضوح شراسة الهجمة الأميركية في المناطق المختلفة. وبخاصة كوبا وفنزويلا ونيكاراغوا وأميركا اللاتينية، ومنطقتنا العربية والشرق أوسطية، المستهدفة بما يُسمّى "صفقة القرن" وتصفية القضية الفلسطينية، والتهديد بالعدوان على إيران، تحقيقاً للمصالح الأميركية-الصهيونية-الرجعية العربية... ومع أنّ ذلك مكلفٌ للشعوب، إلّا أن مقاومته وإفشاله ممكنة. فتمسك الشعوب بمصالحها وتحرّر أوطانها، وأفول أحادية القطب، وبروز تعدد القطبية تمنع القوى المعادية للشعوب من فرض مشيئتها، رغم أنها ستستمر في عدائها وتآمرها على الشعوب وحريتها.