الثّورة الكوبيّة ضحيّة انجازاتها
كيف يمكننا تقييم أداء بلد صغير، على الرغم من كونه ضحية لأطول وأشمل حصار في تاريخ البشرية، وقد تمكن بفضل ثورته من إنجاز مؤشرات اجتماعية رائعة..؟
لنتناول، دون أن نذهب إلى أبعد من ذلك، آلية مكافحة جائحة Covid-19 عالميًا حسب مؤشّر الوفيّات لكلّ مليون نسمة.
على الرغم من القيود الجنائية التي فرضها الحصار الذي أعاد دونالد ترامب فرضه وأبقى عليه جو بايدن، فإنّ معدل الوفيات لكلّ مليون نسمة حتى اليوم في كوبا 195 مليونًا.
البرازيل 2.555.
الأرجنتين 2259.
بلجيكا 2،166.
الولايات المتحدة، جلاد الشعب الكوبي،1881 نسمة.
شيلي 808 1.
أوروغواي 1696
والسّويد 1438.
باختصار: إن "النّظام" الكوبي (كما يسمونه للتقليل من شأنه) لديه معدل رعاية لسكانه أعلى بعشر مرات تقريبًا من معدلها في "الديمقراطية" الأمريكية النّموذجية وأكثر فعالية بحوالي سبع مرات أكثر من نظيرتها التي تحظى بإعجابٍ كبير "الديمقراطيّة" السّويديّة.
الاستشفاء حقّ لكل مواطن كوبي، ويصل إلى مستويات هائلة من حيث الجودة، بينما في الولايات المتحدة (الدولة المعتدية)، فإنّ الصّحة هي مجرّد سلعة لا يمكن لأيّ شخص الحصول عليها. فقط أولئك الذين يملكون المال يمكنهم الاستشفاء، وما على الفقراء سوى التضرّع إلى الرّب الصّالح لتخليصهم من كلّ شر.
أحد المؤشرات الحسّاسة لتبيان الأداء الصّحي في كوبا هو معدل وفيات الرّضع لكلّ ألف:
4 في أكبر جزر الأنتيل.
6 في الولايات المتحدة.
12 في كولومبيا، التي تفتخر حكومتها بتحويلها إلى "إسرائيل أمريكا اللاتينية" والتي يمطرها مدحًا ماريو فارغاس يوسا.
كوبا هي الدولة الوحيدة في أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي التي حققت الاكتفاء الذاتي من اللقاحات، ليس بإنتاج لقاحٍ واحد، بل لقاحين قيد الاستخدام بالفعل وثلاثة لقاحات أخرى على وشك الموافقة عليها. في حين تُظهر البلدان ذات العدد السّكاني الكبير والاقتصادات الضخمة (البرازيل والمكسيك والأرجنتين، على سبيل المثال) تبعيةً واعتمادًا مثيرًا للشفقة على الرغم من حقيقة أنّ أيًا منها لا يعاني من حصار مثل الحصار الذي يضطهد الكوبيين.
معدل الإلمام بالقراءة والكتابة في كوبا الثّورة 99.8% مقابل 99.0% في الولايات المتحدة.
الثقافة، بكل مظاهرها، هي واحدة من الإنجازات العظيمة للثورة الكوبية، ويتجلّى ذلك في الجودة العالميّة لموسيقييها، وفنانيها، ورساميها، وكتّابها، وما إلى ذلك. هي الأولى في أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي بحسب الميداليات التي تمّ الحصول عليها في الألعاب الأولمبيّة.
وإذا نظرنا إلى جدول الميداليات الذهبيّة في ألعاب عموم أميركا:
كوبا 2066 ميدالية ذهبيّة
الولايات المتحدة 2066
كندا491.
البرازيل 383.
الأرجنتين 327.
المكسيك 258.
غني عن البيان أنّ هذه الإنجازات لا تخفي المشاكل التي يعاني منها الاقتصاد الكوبي. أشار فيديل مرارًا إلى أنّ كوبا الاشتراكية كانت اقتصادًا متخلفًا وتابعًا ومعرضًا للخطر بشكلٍ كبير، أكثر من أي اقتصاد آخر في المنطقة، بسبب الحصار والإبادة الجماعية الذي تتعرض له. وعلى الرّغم من أنه سيكون من الخطأ عزو جميع الصّعوبات الاقتصادية التي تواجهها كوبا إلى الحصار، نظرًا لوجود العديد من الصّعوبات الذاتية (التأخير في تحديث النموذج الاقتصادي والإفراط في البيروقراطية في إدارة الاقتصاد الكلي)، إلّا أنّ ليس هناك أدنى شكّ في أنّ هذه المشاكل قد غذّتها الآثار المدمّرة لحصارٍ دام ستين عامًا. أيّ تحليلٍ للاقتصاد الكوبي يتجاهل هذه الحقيقة الجوهرية لن يكون قادرًا على تقديم تفسير مقنع لمشاكله ويجب اعتباره دعاية فجة.
الخلاصة: إذا كانت الولايات المتحدة صادقة، فعليها رفع الحصار فورًا حتى يتّضح أنّ مشاكل الاقتصاد الكوبي ترجع إلى لاعقلانية الاشتراكية وعدم كفاءة الحكومة الثّورية، ممّا يتسبّب في تمرّد السّكان ضدّ السّلطات وإسقاطها. لكنّهم يعلمون أنّ الأمر ليس كذلك، ولهذا يصرّون على الحصار.
إذا أبقت واشنطن على الحصار، فذلك لأنّها تعرف جيدًا أنّ بدونه سوف يزدهر الاقتصاد الكوبي مثل أي بلد آخر في المنطقة، وسيكون هذا مثالًا رهيبًا لبقية العالم، وسيكون هذا الازدهار هو التوثيق التجريبي لتفوّق الاقتصاد الاشتراكي على الاقتصاد الرأسمالي، وهذا موضوع محظور بالنسبة لليمين والإمبرياليين.
من هنا كان الهوس المرضي لجميع الحكومات المتعاقبة، منذ عام 1959 إلى اليوم، للإبقاء على الحصار.
أتيليو بورون- مفكّر ماركسي أرجنتيني
تعريب: لينا الحسيني