الأربعاء، تموز/يوليو 09، 2025

بيان صادر عن خيمة "يسار" في ساحة النور

ان النظام المهترئ الذي ترك الحرائق تأكل غاباتنا، ها هو اليوم يترك المرض ليأكل شعبنا. اننا على يقين بأن هذا النظام، نظام "لا تهلعوا"، سيودي بنا إلى أكثر أيامنا سوداوية. لذا، وكما اعتدنا، تقع مسؤولية حماية شعبنا على الشعب نفسه. إن النظام الذي سمح بتفشي الوباء على أرضنا، يحرمنا من الرعاية الصحية الشاملة بالوقت الذي تتراوح تسعيرة فحوصات الكورونا بين الـ٢٠٠،٠٠٠ و٣٠٠،٠٠٠ ليرة لبنانية.سنواجه الكورونا وسننتصر. وإننا نعد بأن هذا التقصير بحماية شعبنا لن يمر غير محاسب. في هذه الأيام الصعبة، لا يمكننا سوى سماع صدى شعارات ثورتنا. سنكمل انتفاضتنا على هذا النظام الطائفي العفن. سنلاحق الأوليغارشية الحاكمة ولن نهدأ قبل استرداد حقوقنا كاملةً وندفعهم ثمن بؤسنا على مدار السنين. سننهض بوطن يسترد كراماتنا ويؤمن حياة تليق بكل فرد على أراضيه. لن نموت بزوايا هذا البلد المظلمة صامتين بعد اليوم!حفاظاً على السلامة العامة ستعلق التجمعات في خيمة "يسار" وإننا بصدد البحث عن الخطوات الملائمة والتحضير لها لنقف الى جانب شعبنا في هذه المواجهة. كما ندعو أهلنا في طرابلس ومحيطها التزام بيوتهم وعدم الخروج إلّا للحالات الطارئة. نتمنى الابتعاد عن الخطوات الفردية العاطفية التي قد تساعد بانتشار الوباء بدل حصره. فلنتحلى بأعلى درجات الوعي ولتكن طرابلس "ووهان" لبنان، ليس بقدرة مؤسساتها بل بتظافر الفئات الشعبية.  

لا أهلاً ولا سهلاً برمز التآمر على فلسطين وفنزويلا

 
من عادة اللبنانيين الترحيب بضيوف، لكن "مستر بومبيو" والموفدين من الإدارة الأميركية وأمثالهم ليسوا في خانة الضيوف، فزياراتهم لا تحمل بشائر خير، بل ضغوطاً وعدائية ضد مصالح شعبنا اللبناني وشعوبنا العربية، كما لشعبي فنزويلا وكوبا وشعوب أميركا اللاتينية وغيرها. فلا أهلاً ولا سهلاً بالمتآمرين على قضايانا العربية، وعلى الأخص قضية فلسطين، وداعمي الكيان الصهيوني وعدوانيته وطمعه بأرضنا وبسرقة ثروتنا الغازية في مياهنا البحرية.

المسار القانوني لحق عمل الفلسطينيين في لبنان

إبّان تولّي أمين الجميل مقاليد الرئاسة في لبنان، مُنِع الفلسطينيون من مزاولة حوالي ٧٠ مهنة. لم يكن غريباً هذا الأمر، إذ إنّ اليمين اللبناني لطالما اعتبر أنّ الحرب الأهلية وما سبقها كان بسبب الوجود الفلسطيني في لبنان، فكان عقاب اليمين آنذاك بمنع الفلسطينيين من العمل، وبالتالي حرمانهم من أبسط مقوّمات العيش. إلّا أنّ هذا المسار بدأ يتطور لصالح اللاجئين الفلسطينيين بدءاً من عام ٢٠٠٥ حين تولّى طراد حمادة وزارة العمل، فعمد إلى إصدار المذكرة رقم 1/ 67 التي أتاحت للمهنيين الفلسطينيين العمل في المهن اليدوية والمكتبية المحصورة مزاولتها باللبنانيين دون غيرهم، بشروط معيّنة، أبرزها أن يكون من الفلسطينيين المولودين على الأراضي اللبنانية، وأن يكون مسجّلاً في سجلات مديرية شؤون اللاجئين التابعة لوزارة الداخلية.

عودوا إلى المستنقع!

 
أكثر من خمسين يوماً مضت، والذين راهنوا على تعب الحراك الشعبي أنهكهم التعب. انتظروا فاكْتَووا بلهيب الانتظار، وكل دواء يصفونه لشفاء جروحهم من سيوف الثورة يستحيل داءً ويصير ملحاً يُرشّ على جروحهم. أفلست السلطة وفقدت شرعيتها منذ زمن طويل وانكشف إفلاسها وتعرّت تحت ضغط الشارع والناس المنتفضين.هنا جاء دور طابور الضفادع التي خرجت من مستنقعها لتملأ الدنيا نقيقاً: تنظير ناصح لجماهير الثورة في ظاهره تارة، أو داعياً إلى الحكمة والتعقل تارةً أخرى، ولكنّه في باطنه يهدف في جميع الأحوال إلى إحباط الانتفاضة. لا هدف لهم سوى إضعاف المواجهة ووضع العراقيل بوجهها، لكنّها ظلت دوماً أقوى منهم. في الطابور، اجتمعت ضفادع من برك آسنة مختلفة: فريق رأى، رغم "اعترافه" بمشروعية المطالب الشعبية، أنّ توسيع الرؤية لتشمل البعد الإقليمي تقتضي الدفاع عن منظومة حاكمة يشارك فيها، معتبراً تلك المشاركة مكسباً لا يجوز التفريط به وضمانة لموقعه المحلي والإقليمي، كما رأى حزب الله. فريق آخر تبنّى شعاراتٍ شعبوية وتستّر بتأييد محاربة الفساد، متناسياً أنّ خماسيته غير المقدسة (بري، جنبلاط، حريري، باسيل، جعجع) هي الفساد الذي يطالب الشارع بمحاربته وقطع رؤوسه وأطرافه، وفريق ثالث من داخل الفكر الاشتراكي يسير على هدى (أو بالأحرى على ضلال) "دمقرطة وأنسنة" الإشتراكية العلمية. هذا الفريق الثالث، الذي ابتُليَتْ به الماركسية – اللينينية منذ خمسينيّات أو ستينيّات القرن الماضي، يحمل في جعبته نظريات "نقدية" جاءت كلها على حساب المادية التاريخية، متسترة بنزعة "إنسانوية" تحجب إرتداداً صارخاً إلى طوباويات الفكر المثالي وأقانيم الفكر الديني – الميتافيزيقي. لكنّ التطورات الميدانية الراهنة تبعدنا عن الخوض في نقاش نظري بحت كهذا، وتشدّنا إلى موقفٍ عملي واضح ممّا يجري. نحن، الماركسيون اللينينيون، نؤمن بإمكانية تحقيق الثورة عند اكتمال ظروفها الموضوعية، ونطلب ما تراه نعاج الفكر "الإشتراكي الديمقراطي" المستحيل بذاته، حتى إذا حصلنا على الممكن عدنا إلى نضالنا من أجل ما يعتقدونه مستحيلاً، لأنّ ما نريده وتريده حركة التاريخ ليس إصلاحاتٍ للنظام الرأسمالي بل التصدّي للعلّة المركبة الأساسية: نمط الإنتاج، وعلاقات الإنتاج وملكية وسائل الإنتاج. إنّ حلم التغيير لا بدّ أن يكون حلماً جميلاً، نحو الاشتراكية لا نحو تحسين الرأسمالية.لذا نقول لكل أصناف المخربين والمعرقلين: عودوا إلى مستنقعكم، مستنقع الشرق المتعفن بالفكر الرجعي والاستعباد والاستبداد. ذلك هو مكانكم الطبيعي، فلا تلوّثوا مكاننا في مسار التغيير والثورة. أمّا نحن، فإنّنا في مواجهة الطبقة الحاكمة وجبن الطروحات الإصلاحية، حيث نجرؤ على النضال ونجرؤ على الحلم ونجرؤ على الإنتصار. الثورة تضحيات ومبعث فرح واحتفال: انظروا إلى السعادة وإن كانت ممزوجة بالألم في عيون المحتشدين في الشوارع والساحات. الشعب يريد الخبز والورود، وعلينا أن نساعده في المضي إلى آخر الطريق ليصل إلى الحرية الحقيقية ويكسر طوق استعباد رأس المال. فلنستكمل درب النضال من أجل وطن حرّ وشعب سعيد.

صرخة نساء الجنوب

 
"النظام الأبوي يقتل"، كان هذا أحد شعارات المسيرة النسوية يوم الأحد في مدينة صور. لم يتعدَّ عدد النساء الثمانين، لكنّ هذا الأمر لم يمنعهن من السير في شوارع المدينة الرئيسية، واقفاتٍ أمام مصرف لبنان والمحكمة الجعفرية، "مقبرة النساء" كما ذكرت الشعارات. كان صوتهُنّ مدوٍّ في كل شوارع المدينة. هتفْنَ ضدّ السلطة الدينية، هتفْنَ لحقّ الأمهات في الحضانة، لحقّ النساء في إعطاء الجنسية لأطفالهنّ، هتفْنَ ضدّ السلطة الأبوية وكل ما يحوي المصطلح من قمعٍ وذكوريةٍ واستغلالٍ وتميُّزِ فردٍ على آخر وإقصاءٍ واستضعافٍ للآخر. لعلّني أكثر تفاؤلاً من الكثيرات إذ أقول بأنّ هؤلاء النساء تحدّيْنَ مَن منعَهنّ من حقّهن في المشاركة السياسية والتظاهر في الساحات العامة والمساهمة باتّخاد القرار. إذ أنّ وجود النساء في الساحات والشوارع ليس بمشهدٍ مألوف في صور، بسبب حصر دورهنّ داخل التجمعات الخاصة الضيقة مثل المنزل وأماكن تجمّع الأسرة والحيّ. منذ بداية هذه الانتفاضة، كانت نساء صور الأقوى، بحيث عرفْنَ أنّ هذه الحقوق مكتسبة، ففرضْنَ وجودهنّ في الشارع وأصبحْنَ جزءاً أساسيّاً من انتفاضة صور، ونزلْنَ المسيرة يكرّسن ذلك. لنساء صور قوّة مرعبة، بالرغم من الواقع الاجتماعي القاهر. وكما يحدث في معظم المجتمعات المحافظة، فإن خروج النساء في كثير من الأحيان، ولو كان بهدف اللقاء بالأصدقاء، يخضع لبروتوكولات معيّنة، تحدّد المكان والمدّة والشكل وحتّى نوع الأصدقاء وشكلهم وبيئتهم. بينما يستطيع الأخ الأصغرأن يلعب دوراً في فرض سلطته على أخته التي قد تكبره بعشر سنوات. من المعلوم أنّ لصور خصوصية سياسية كحال الجنوب عامة، خصوصية من صنع حزب الله وحركة أمل، أقوى أحزاب السلطة. يأبى الثنائي إلّا أن يحافظ على هذه الخصوصية بكل ما لديه من أدوات لضمان استمراريته وسلطته. فلهذين الحزبين مثلاً سلطة لإلغاء حفلة يقيمها مطعم، بحجة أنّ في الفرقة الموسيقية "بنات بيلبسوا قصير". لهذين الحزبين سلطة لإقفال محال تبيع الكحول، ومنع جمعيات من دخول الجنوب، وإيقاف نشاطات غيرها، ومنع -بطريقة مباشرة أو غير مباشرة- وجود ساحات عامة للتلاقي والتفاعل، أو تجمع شبابي له تطلعات تغييرية أو بكل بساطة رؤية يمكن أن تتعارض مع مشروعهم. كما فرض الثنائي أنماط تديُّن جديدة، وأسقط علينا ممارسات ثقافية هي في الأصل غريبة عن مجتمعنا عامة، والمجتمع الجنوبي خاصة. وهي أنماط ليست ذات منشأ ديني كما يدّعي، إنّما ذات بُعد سياسي رأى من خلاله قدرة للسيطرة على المجتمع وعقول الناس. أنتج هذان الحزبان نوعاً خاصاً من رجال الدين ودعموهم ليحظوا بثقل وسلطة تفوق في بعض الأحيان سلطة رجال السياسة. استخدم الثنائي الشيعي موارده، فائض قوته وسلطته لعزل المدينة عن التطور والانفتاح. وقد نجح بنسبة عالية ولفترة معينة. لعلّنا، كنا لأعوام مستسلمين لهذا الواقع، وكل ما استطعنا فعله هو مراكمة الكره وحقدنا تجاه هذه المدينة والهرب نحو بيروت. اليوم، تعلم هؤلاء النساء أنهنّ في مواجهة مع من ينصّبون أنفسهم أولياءً عليهن بدعم مباشر من أقوى الأحزاب سلاحاً ومالاً وسلطة. ثارت نساء الجنوب على هذه الإنتاجات والأنماط، كسرْنَ كل القيود الإجتماعية، تحدّيْنَ كل الأطراف المعادية، تحدّيْنَ المجتمع ونظرته للنساء في الشارع، تحدّيْنَ السلاح والعنف الذي يهددون به المنتفضين كل يوم. تحدّيْنَ أنفسهنّ وانتصرْنَ، فأحدثْنَ خضّة نوعية تزعزع أركان الموروثات الاجتماعية والأنماط التي كرّسها هذا الثنائي في نظرة مجتمعنا للنساء. هذه الخضة يبنى عليها لتأسيس نمط اجتماعي تقدّمي في تعامله مع النساء، ويؤسّس لشكلٍ جديدٍ للمدينة.