الخميس، تشرين(۲)/نوفمبر 14، 2024

"الخارجية الكوبية": تدين الإرهاب والتلاعب السياسي الأمريكي

  وكالات
عربي دولي
عبرّت وزارة العلاقات الخارجية الكوبية، يوم أمس الإثنين، عن إدانتها شديدة اللهجة لإدراج جمهورية كوبا افتراءً ضمن قائمةٍ أعدّتها وزارة الخارجيّة الأمريكية لبلدان تزعم بأنها لا تتعاون بشكل كامل مع الجهود الأمريكية لمكافحة الإرهاب نُشرت في الثالث عشر من أيار/مايو 2020.

وقالت الوزارة في بيان صحفي:"يتعلّق الأمر بقائمة أحاديّة الجانب وتعسّفية لا تستند إلى أي أساس أو سلطة أو دعم دولي، وهي لا تخدم، كما هو معروف، إلا أهداف التشهير والقهر بحق بلدان ترفض الخضوع في قراراتها السياديّة لإرادة حكومة الولايات المتحدة.
الحجة الرئيسية التي استخدمتها حكومة الولايات المتحدة هي تواجد أعضاء من وفد المُفاوِض لـ "جيش التحرير الوطني" الكولومبي في الأراضي الوطنية الكوبية".

وتابعت:"كما يعرف القاصي والداني، يتواجد الوفد المُفوِض لـ "جيش التحرير الوطني" الكولومبي في بلدنا جرّاء تخلي الإكوادور فجأة عن دورها كمقّر لمفاوضات عملية إحلال السلام، فتم نقله بطلب من الحكومة الكولومبية و "جيش التحرير الوطني" إلى هافانا في شهر أيار/مايو من عام 2018".

وأضافت:"كان هذا الحوار من أجل تحقيق السلام قد بدأ في السابع من شباط/فبراير 2017 في كيتو. وقامت كوبا، إلى جانب كل من البرازيل وتشيلي وإكوادور وفنزويلا ونروج، بدور كفيل لعملية السلام، وذلك بطلب من الطرفين.
اعتباراً من لحظة وصول السيّد إيفان دوكي مارتينيز إلى سدّة الرئاسة في كولومبيا، في السابع من آب/أغسطس 2018، عقد ممثلون عن هذه الحكومة، منذ الثامن من آب/أغسطس من تلك السنة وحتى شهر كانون الثاني/يناير 2019، عدة لقاءات للتبادل مع كوبا ومع الوفد المفاوِض عن "جيش التحرير الوطني" بغية مواصلة سلسلة المفاوضات التي كانت قد بدأت في عهد الرئيس سانتوس، وهي عمليّة تصرّف خلالها بلدنا بالتكتّم الواجب والالتزام الصارم بدوره ككفيل".

وأوضحت الوزارة قائلًا:"عندما وقع الهجوم الذي استهدف مدرسة ضباط الشرطة في بوغوتا في السابع عشر من كانون الثاني/يناير 2019، أعرب كل من رئيس جمهورية كوبا ووزيرها للعلاقات الخارجية عن تعازيهما ومواساتهما للحكومة والشعب الكولومبيين، وخصوصاً لذوي ضحايا الهجوم، وجددا التأكيد على موقف بلدنا الثابت في شجب وإدانة كل الأعمال والأساليب والممارسات الإرهابية بكل أشكالها ومظاهرها". مضيفةً "اتخذت الحكومة الكولومبية آنذاك إجراءات سياسية وقانونية ضد الوفد المفاوِض عن "جيش التحرير الوطني" الذي كان متواجداً في الأراضي الكوبية وأوقفت مفاوضات السلام. بالإضافة لذلك، قررت تجاهل "بروتوكول الإلغاء"، وذلك في تخلٍّ وهدرٍ للالتزامات المضروبة من قبل تلك الدولة تجاه ستة بلدان أخرى موقّعة على ذلك البروتوكول".

وأشارت إلى أنه تم توقيع "بروتوكول الإلغاء" في إطار مفاوضات السلام من قبل الحكومة الكولومبية و"جيش التحرير الوطني" والبلدان الكفيلة في الخامس من نيسان/أبريل 2016. وينص ذلك البروتوكول على العودة الآمنة لوفد الثوار الكولومبيين في حال انقطاع الحوار.

وأكدت الحكومة الكوبية بأن ما يحتمه الواجب، وفقاً للوثائق المبرمة، هو تطبيق البروتوكول. وهذا الموقف، الذي يحظى بالدعم الواسع من قبل المجتمع الدولي والقطاعات المُلتزمة بالبحث عن حلّ سلمي للنزاع العسكري الكولومبي، هو ممارسة دوليّة معروفة ومُصادق عليها تكراراً لكونها تتقيّد بالقانون الدولي وبالتزامات البلد الكفيل ومقر المفاوضات. في عدم تطبيق هذا البروتوكول يَكمن سبب بقاء أعضاء وفد مفاوضات "جيش التحرير الوطني" في بلدنا.

وتابعت:"لقد ضلعت الحكومة الكولومبية في سلسلة من التحركات المعادية لكوبا تشمل تصريحات علنيّة وتهديدات وإنذارات من خلال التلاعب، الجاحد وذي الدوافع السياسية، في ما يتعلق بإسهامنا الذي لا غُبار عليه في عملية إحلال السلام بكولومبيا. بين تحركات أخرى، يأتي تغيّر الموقف التاريخي لكولومبيا المؤيّد للقرار الذي تعتمده الجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة سنوياً للمطالبة بإنهاء الحصار الاقتصادي والتجاري والمالي الأمريكي الذي يتسبب بأضرار ومعاناة للشعب الكوبي. لقد غيّر هذا التحرّك بشكل جليّ الموقف الصلب والثابت الذي اتّبعته الحكومات الكولومبية منذ عام 1992.

وأضافت:"في ذات اليوم الذي أعلنت فيه الولايات المتحدة إدراج كوبا ضمن قائمة البلدان التي يُزعم بأنها لا تتعاون بشكل كامل مع الجهود الأمريكية لمكافحة الإرهاب، صرّح المفوّض السّامي للسلام للحكومة الكولومبية، السيّد ميغيل سيباجوس أريفالو، علناً بأن قرار وزارة الخارجية الأمريكية إدراج الجزيرة هو "دعم هائل" للحكومة الكولومبية و"لطلبها المُلحّ" في أن تسلّمها كوبا أعضاء وفد مفاوضي "جيش التحرير الوطني".

وفي نفس السياق، قالت الوزارة:"تصريحات السيد سيباجوس هذه وجدت انتقادات في كولومبيا من قبل قطاعات واسعة ملتزمة بالسلام، وقد طالب العديد من السياسيين الكولومبيين حكومتهم بتفسير لها ولتجاهلها لـ "بروتوكول الإلغاء"".

وأدانت وزارة العلاقات الخارجية بلهجة شديدة تصريحات المسؤول الكولومبي رفيع المستوى.

وأضافت:"ما يُفهم من تعليقات المفوّض السامي للسلام هو أن سلوك كولومبيا قد خدم ووفَّر الذرائع لأهداف الولايات المتحدة العدوانية تجاه بلدنا وأنه قد قدّم "دعماً هائلاً" للافتراءات الأمريكية على بلد أمريكي لاتيني وكاريبي".

كما أوضحت أن تواجد ممثلي "جيش التحرير الوطني" في أراضينا، الذي يستند إليه الاتهام الأمريكي، ليس أكثر من ذريعة واهية وقليلة الحياء، لا معنى لها ووفّرها موقف حكومة كولومبيا الجاحدة، هذا إذا كان في تصريحات السيد سيباجوس ما يُمكن تصديقه.
على كل حال، وحتى إن صحت هذه المساعدة المزعومة من قبل حكومة كولومبيا، فإن اتهام الولايات المتحدة لا يقوم على أي أساس من الصحة. هناك أدلّة ملموسة، بعضها حديث جداً العهد، على تعاوننا الثنائي مع الولايات المتحدة في مكافحة الإرهاب وفي الجهود المشتركة لتطبيق القانون، وذلك في تحركات تحظى باهتمام خاص لدى هذا البلد، مما يجعل التصنيف المُعلَن من قبل وزارة الخارجية الأمريكية فعلاً مقصوداً يستهدف تشويه الحقيقة.

ونوهت الخارجية الكوبية إلى أن كوبا هي بلد ذهب ويذهب ضحية العديد من الأعمال الإرهابية المنظَّمة والمموَّلة والمنفَّذة انطلاقاً من أراضي الولايات المتحدة من قبل جماعات وأفراد استمتعوا هناك بتسامح الحكومة وحمايتها، وهي حقيقة يعرفها الجميع. وذهبت ضحية أيضاً، في الماضي، لإرهاب الدولة الذي مارسته حكومة الولايات المتحدة مباشرة، حيث تصرّفت أحياناً بالتواطؤ مع الجريمة المنظَّمة في ذلك البلد. جرّاء أعمال من هذا النوع، قُتل ثلاثة آلاف و478 كوبي بينما يعاني ألفان و99 من نوع ما من الإعاقة. مضيفة:"في الثلاثين من نيسان/أبريل الماضي تعرضت سفارتنا لدى الولايات المتحدة لاعتداء إرهابي. ما زالت حكومة الولايات المتحدة مذاك تُطبق صمتاً تواطئيّاً، من دون أن تدين هذا العمل أو تندِّد به، وتمتنع عن اتخاذ إجراءات بحق أشخاص وجماعات إرهابية مقيمة على الأراضي الأمريكية من حيث تحضّ على العنف ضد كوبا ومؤسساتها".

وفي نفس السياق قالت:"كمحصّلة لذلك، وعلى أثر الاستهداف الإرهابي لبعثتنا الدبلوماسيّة لدى واشنطن، أُطلقت عدة تهديدات لسلامة الدبلوماسيين والسفارات الكوبية في الولايات المتحدة نفسها كما المكسيك وكوستاريكا وأنتيغوا وباربودا وكندا وقبرص والنمسا وأنغولا، تم إطلاع حكومة كل واحد من هذه البلدان عليها".

وأشارت الخارجية في بيانها إلى أنّ موقف حكومة الولايات المتحدة الواضح في تواطؤه يقود إلى خطر تفسيره كتبييض للإرهاب. ويتلاقى ذلك مع تصعيد سياسة العدوان والحضّ على العنف ضد كوبا، والتي تم نقلها إلى بلدان يعمل فيها طاقم كوبي في مجال الصحة ضمن برامج للتعاون الثنائي.

وأضافت:"وأن التزام كوبا بالتحرك بصرامة وإدانة الإرهاب وارد في الدستور. إنه التزام مطلق وقاطع ضد أي من أشكاله ومظاهره، لا سيّما إرهاب الدولة، وهو مدعوم بالتشريع اللازم. هناك ما يكفي من الأسباب التي تدفع للشك بقدرة حكومة الولايات المتحدة على إصدار تأكيد على هذا المستوى من القطعية في ما يتعلّق بموقفها من الإرهاب".

وشددت على أن كوبا حافظت بصورة ثابتة على دعمها للسلام في كولومبيا وشرعت بالعمل انطلاقاً من دورها ككفيل على تطبيق اتفاق السلام المبرم بين الحكومة الكولومبية و"القوات المسلحة الثورية الكولومبية-جيش الشعب"، رغم أن الحكومة الكولومبية لم تكفل حماية ذلك الاتفاق ولم تضمن تطبيقه الصارم. مشيرة إلى أنها طرحت عبر سبل دبلوماسيّة، تطلب وزارة العلاقات الخارجية من حكومة كولومبيا معرفة موقفها من صفة كفلاء في عملية السلام الكولومبية، لا سيّما صفة كوبا. وأنها بحاجة لمعرفة موقف الحكومة من تطبيق اتفاق السلام المبرم بين الحكومة الكولومبية و"القوات المسلحة الثورية الكولومبية-جيش الشعب".

وفي الختام، دعت وزارة العلاقات الخارجية حكومة كولومبيا إلى إعلان موقفها الرسمي حول الأسباب التي تحضرها لإدراج كوبا ضمن القائمة التي أعدتها وزارة الخارجية الأمريكية وأن توضّح ماهيّة دور وموقف موظفيها في اللقاءات التي سبقتها والمنعقدة بالصّدد مع الولايات المتحدة. مشددة على أنّ كوبا هي بلد ذهب ويذهب ضحية الإرهاب، مؤكدةً أن كوبا تشجب كل مظاهر التلاعب والانتهازية السياسية.

# موسومة تحت : :