الأربعاء، أيار 14، 2025

تفاءلوا بالشعب، تجدوه!

«النداء» وُجِدت كي تكون صوتاً للطبقة العاملة وكل الفئات الاجتماعية المستغَلّة، من أجراء وموظفين ومزارعين ومُعطّلين عن العمل، وطلاب وشباب ونساء في وطننا لبنان وفي كل العالم. ها هو شعبنا يخرج اليوم، لأسابيع متتالية رافعاً شعارات تعكس تقدم الوعي السياسي والطبقي لفئات واسعة من اللبنانيين ضدّ هذا النظام، وأحزابه الحاكمة، التي أوصلت بلدنا إلى مستنقع الانهيار الاقتصادي وما يتبعه من أزمات اجتماعية تطال هذه الفئات تحديداً.تصدر «النداء» في عددها هذا لتقول أنّ الكلمة الآن للشعب، كما يجب أن تكون دوماً. فبعد مصادرة صوت الناس لعقود طويلة عبر سياسات التفرقة والمذهبة والزبائنية والتبعية، وإعلاء صوت رأس المال وزعماء الميليشيات فوق أي صوت آخر، خرج في 17 تشرين الأول 2019 والأسابيع التي تلته صوتٌ عذب، قويّ، هدّار، مزلزل هو صوت الناس الذي لن يخفت بعد الآن.المؤامرات كثيرة، وفي جعبة الأعداء والخصوم عشرات الألاعيب والأدوات التي يمكن استخدامها لتأديب الناس وتنحيتهم جانباً. حاولوا الترهيب بالسلاح وبالعصي ففشلوا، وحاولوا حرف الأنظار نحو قضايا أخرى ففشلوا أكثر، وحاولوا التخوين فانقلب عليهم سحر الساحر. يحاولون اليوم أن يجلسوا معنا في الخندق لمحاولة التأثير والتشويه، لكننا سنفشّلهم مجدداً.لقد انطلق قطار الشعب، ولن يقف أحد عثرةً أمامه، قريباً أو بعيداً. قد يتمهل أمام منعطف هنا، ويأخذ بعض الوقت أمام محطة هناك، لكنه يعرف غايته، وسيسعى مجاهداً مقاتلاً، متسلّحاً بالرؤية، وبحقوق الناس، وبثقتهم، أن يصل إليها رغم كل الصعاب.اليسار يسبح في مائه "الفضلى" الآن، وعليه أن يخرج منه بأوفر المكتسبات لشعبه ولنفسه. فلتكُن له ساحات الصراع، ولتبقَ الكلمة للشعب دوماً!

قضيّة الأسرى أم قضيّة وطنية؟

 
فتحت عودة العميل عامر الفاخوري ملفّ العملاء على مصراعيه، وأثارت موجة غضب عارمة لدى الأوساط اللبنانية بشكل عام، ولدى الأسرى السابقين في معتقل الخيام خصوصاً. كما أحدثت إرباكاً عند أكثر من طرف أمني وسياسي. حسناً، هذا الإرباك ليس بمستغرب على السلطة التي تتّحد في عمقها لجهة تغليب اعتباراتها السياسية الخاصة على اعتبارات العدالة الاجتماعية والوطنية. ونتبين هذا الأمر بوضوح كليّ، من خلال النظرة الشاملة إلى الوضع اللبناني بشكل عام، ومن خلال استعادة أبرز المعطيات التي شهدناها في خضم التدابير المعتمدة، شكلاً ومضموناً، لمحاكمة الأشخاص الذين تعاملوا مع الكيان الصهيوني قبل العام 2000 وما بعده، والتي انتهت غالبيتها إلى عقوبات مُخفّفة، في محاولة لضبضبة الانقسام السياسي الداخلي. وليس مستغرباً أيضاً أن هذا الإرباك قوبِل بإجماعٍ سياسي "سلطوي" على المطالبة بمحاسبة الفاخوري بحسب المقتضى القانوني، فإن تلك "الاعتبارات السياسية" نفسها تُستتبع بتمييع في العدالة نفسها. عمالة ساقطة ولكن "بمرور الزمن"ملف الفاخوري الآن في عهدة القضاء، فهل يكون القضاء عادلاً؟ نحاول التطرق هنا عبر الطرق القضائية "التقليدية" إلى الملف. سقط بمرور الزمن، الحكم القضائي الغيابي الصادر عام 1996بحق الفاخوري لإدانته بجرم التعامل مع العدو، استناداً إلى المادة 163 من قانون العقوبات التي استفاد من الفاخوري من مفاعيلها في ظلّ عدم وجود أحكام أخرى صادرة في حقه أو أي مذكرات بالملاحقة أو عدم وجود ادعاء عليه. هذا التبرير القانوني الذي لجأ إليه كثيرون، لكنّ أوساط قانونية أخرى أشارت إلى أن حالة الفاخوري الذي حُكِم عليه غيابيّاً بتهمة العمالة، لم يتبين أن جرمه اقتصر على جريمة التعامل فحسب، بل ثمة جرائم أخرى ارتكبها استناداً إلى موقعه ودوره الذي كان يشغله كمشرف على أعمال التعذيب التي كان يتعرض لها الأسرى والذين تنطبق عليهم صفة أسرى حرب، فهو المسؤول السابق عن معتقل الخيام إلى لبنان وأحد الأشخاص الأكثر تورّطاً بالعمالة مع الكيان الصهيوني. وبذلك يكون قد ارتكب جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية، وهذه الجرائم لا تسقط بالتقادم عملا بأحكام المادة الأولى فقرة "أ" و "ب" من اتفاق عدم تقادم جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية (تاريخ 26 تشرين الثاني 1968 وتاريخ بدء النفاذ 11 تشرين الثاني 1970). هذا بالإضافة إلى أنّ الفاخوري ينطبق عليه فعل الإخفاء القسري وحجز الحريّة بحقّ الأسير في معتقل الخيام، علي حمزة، الذي لا يُعرف مصيره إلى اليوم. التحقيقات جارية وشهادات للأسرىومن المنتظر أن تستكمل قاضية التحقيق العسكرية، نجاة أبو شقرا، استجواب الفاخوري، الذي مثل بتاريخ 17 أيلول أمامها، بعد أن أصدرت بحقه مذكرة توقيف وجاهية، بناءً على ادعاء معاونة مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية بيتر جرمانوس، القاضية منى حنقير، التي طلبت استجوابه بناءً على مواد قانونية تصل عقوباتها القصوى إلى الاعدام (التعامل مع العدو، دخول أراضي العدو، حيازة الجنسية "الاسرائيلية"، التسبب بالقتل والتعذيب). وقد استمعت أبو شقرا لشهادات بعض الأسرى في الرابع والعشرين والخامس والعشرين من الشهر الفائت، بعدما تقدّموا في موازاة ملاحقة الفاخوري أمام القضاء العسكري، بإخبار إلى النيابة العامة التمييزية، ضدّ الفاخوري وكل من يظهره التحقيق مشاركاً ومتورّطاً بجرم التعامل مع العدو الصهيوني وتسهيل دخوله إلى لبنان وهو عميل محكوم، مطالبين بـ"استجواب هذا العميل وتوقيفه ومحاكمته وإصدار أشد العقوبات بحقّه" استباقاً لأي قرار قد يؤدي إلى إسقاط الحكم الغيابي الصادر بحقه. خطوات لن تنكفئ "لربما استطاعوا إطلاق سراح العميل لولا تحركاتنا المتواظبة" يقول أسيرٌ محرّر. ويضيف "تعوّدنا أن نرى معظم القضايا تتلاشى بعدم متابعتها. أؤمن بأن هذه القضية جزءٌ من كل لكنّنا لن نتهاون أو نكلّ عن القيام بكلّ واجب بعد أن نكّلوا بنا عوضاً عن معاقبة العملاء غير الفارّين أو الفارّين الذين يسمّونهم بالمُبعدين". قال كلماته هذه في اعتصام نفّذته هيئة ممثلي الأسرى المحررين، يوم الثلاثاء الفائت حيث اجتمع نحو ستين أسيراً جمعت بينهم آلام الأسر والتعذيب، بالإضافة إلى بعض المتضامنين ليجدّدوا عبر الاعتصام رفضهم لعودة الفاخوري وأي عملاء آخرين، ولرفض إسقاط الحكم الصادر بحقّه بحجّة تقادم الزمن، مشدّدين أن "العمالة والخيانة العظمى لا تسقطان بتقادم الزمن بل تبقيان وصمة عار على جبين مرتكبيها ومن يدافع عنهم". وحضر الاعتصام وكيل الأسرى المحررين المحامي معن الأسعد، والأمين العام لمركز الخيام لتأهيل ضحايا التعذيب محمد صفا وسط حضور هزيل لوسائل الإعلام، التي لم تعُد تجد في هذه القضية قيمة مُضافة على نشراتها الإخبارية أو صفحاتها، لربما سقط "بمرور الزمن" هذا الاهتمام لغير ملاءمته الـ "Scoop" أو الـ "Trend"! تحدّث الأسرى عن تجاربهم المؤلمة، والتي بالكاد كانوا يستطيعون التعبير عنها سابقاً، إلّا أن عودة الفاخوري نكأت جراحهم التي لم ولن تندمل بمرور الزمن. هو جرح الوطن والوطنيّين. إنّ العدالة تتمثّل بألّا يكون المتعاملون مع العدو الصهيوني أو التابعون للامبريالية في السلطة أساساً... إنّه المضحك المبكي! ولا شكّ أن تأتي صحوة ما بعد عودة العميل الفاخوري لتبرز مجدّداً إلى الواجهة، وبشكلٍ ملح، القضيّة الوطنيّة في كلّ حراك شعبي يدعو إلى التغيير.            

لغز "الملايين الضائعة" ما بين وزارة التربية والدول المانحة!

 
يوماً بعد يوم، تتفاقم أزمة قضية دفع مستحقات الفصل الثاني عن العام الماضي مدة سبعة أشهر لكلٍّ من الأساتذة المستعان بهم لتعليم الطلاب النازحين السوريين وصناديق المدارس في الدوام المسائي. إذ بات الغموض يلفُّ مصير مشروع تعليم النازحين السوريين في لبنان والعام الدراسي المقبل، وأين تصرف أموال الدول المانحة أو تتبخر، لا سيّما أن الطرفين الأساسيين (وزارة التربية والتعليم العالي والمفوضية العليا لشؤون النازحين في لبنان) يتقاذفان التهم بينهما ويصرّان على أن التقصير لدى الطرف الآخر؟ بعد أكثر من شهر من الحملة التي بدأها الأساتذة "المستعان بهم" في الدوام المسائي على معالي وزير التربية أكرم شهيّب ومسؤولة وحدة التعليم الشامل في وزارة التربية (التي تعنى بملف اللاجئين) صونيا خوري، تمكّن وفد من الأساتذة اللقاء بهما بحضور المستشار الأستاذ أنور ضو يوم الأربعاء الماضي 3 تشرين الأول الجاري الذي أوكله شهيّب لعقد اللقاءات وتلقّي الشكاوى.وخلال اللقاء أكد شهيّب وخوري حرصهما على دفع المستحقات المتأخرة لـ "المستعان بهم"، وشدّدا على أن الوزارة تبذل كافة جهدها في هذا الملف و"إنما الدول المانحة تتحمّل مسؤولية هذا التأخير". وفعلاً، نجح شهيّب مؤقتاً في تحويل وجهة الصراع عن وزارته وتخفيف حملة الأساتذة عليه، مؤكّداّ للوفد أن الدول المانحة لم تسدّد باقي المبلغ المتوجب عليها حيث أن بريطانيا لم تدفع أبداً وألمانيا لم تكمل باقي المبلغ المترتب عليها، ومطالباً الأساتذة بمساعدته والاعتصام أمام مقر بعثة الاتحاد الأوروبي لتحميل الدول المانحة مسؤولية سداد ما أسماه "الفجوة" وقدرها 9 ملايين دولاراً تقريباً (8.6 مليون دولار). بدورها، لمّحت خوري للوفد إن هناك عدة دراسات قيد الدرس لحلّ هذه المسألة وإحداها تتضمّن "إعطاء المستحقات لكافة الأساتذة دون المدراء والنظّار"... وعند مطالبتها برفع أجر الحصة لا سيّما أن الوزارة تقتطع أكثر من نصف الأجر المفترض من الدول المانحة حيث لا تتعدّى الـ 11 دولاراً، أبلغتهم باستحالة ذلك، مشيرة أن "الاتحاد الأوروبي يلوّح بخفض المبلغ المقرّر عن كلّ تلميذ من 600 إلى 500 دولار، بينما في الأردن "الدولة تتقاضى 1100 دولاراً على التلميذ". الوفد غاب عنه أن حلّ عقدة أو لغز "الفجوة"... يفترض من مسؤولية وزارة التربية مع الاتحاد الأوروبي وليس من مسؤولية أصحاب الحقوق، وبحال صحّت تلك المزاعم ألا يجدر بالوزير عقدَ مؤتمرٍ صحافيٍّ لشرح ملابسات القضية عوضاً عن سياسة المماطلة وإعطاء الأساتذة العديد من الوعود أو استبدال رقم هاتفه للتخلص من مساءلة المئات منهم عن مصير مستحقاتهم؟!.. وصنّف بعض الأساتذة خلاصة لقاء الوفد بشهيّب وخوري بسياسة المماطلة متهّماً "الوزارة بالتهرّب من المواجهة المباشرة المفترضة مع منظمة اليونيسف بحال أعلن الأساتذة الإضراب العام".وفي حديث لـ "النداء" عبّر أحد الأساتذة م. س. الذي رفض الإفصاح عن اسمه تخوفاً من خسارة فرصته بالمشروع، عن "شكوكه بعدم وجود ثغرة بما يُسمى "الفجوة"، وصرف هذه المستحقات"، متسائلاً " لمَ أعلنت الوزارة منذ أيام تحويل أموال كافة أساتذة الإرشاد الصحي والتربوي وتبين عكس ذلك، إذ طال القبض جزءاً بسيطاً فقط، فلماذا هذه الاستنسابية، مع أن مبلغ الـ 39 مليون دولار يمكنه تغطية كافة رواتب أساتذة الإرشاد في لبنان؟!".أما زميلته "ريتا" استغربت حديث الوزير عن ما أسماه "الفجوة"، مؤكدة "إذا كان العجز يبلغ تسعة ملايين دولار، فإن اقتطاع أكثر من نصف أجر الحصة يسدّ العجز المطلوب"، معربة عن تخوفها من ضياع العام الدراسي والملل من هذه السلطة الحاكمة، "نحن نعاني من البطالة، لأن المعنيين لا يأبهون لنا إلّا عند التصويت لهم بالانتخابات، حقّنا التوظيف وفقاً لشهاداتنا وخبراتنا..". ملايين الدولارات... ضائعةدحض الاعتصام الذي نفذه "المستعان بهم" بتمني من شهيّب يوم الاثنين الماضي أمام مقر بعثة الاتحاد الأوروبي مزاعم وزارة التربية بوجود فجوة قدرها 9 ملايين دولاراً تشكل عائقاً أمام السيدة صونيا خوري وتحول دون تسديد المستحقات المتأخرة.إذ نفى أحد موظفي البعثة للمعتصمين أن يكون هناك عجزٌ ما في تمويل مشروع التعليم عن العام الماضي (2018 - 2019)، مؤكداً أنّ دول الاتحاد الأوروبي قد سدّدت المبالغ بالكامل، حيث استمع إلى مطالبهم وتسلّم نسخة خطيّة عنها، واعداً بمتابعة قضيتهم لحلّ لغز "الفجوة".وفي سياق متصل، وبعد مماطلة دامت أكثر من أسبوع لمحاولات الأساتذة تحديد موعد مع المفوضية السامة لشؤون اللاجئين في لبنان المعنية بملف تعليم النازحين السوريين، سارع المسؤول عن الملف قبل ساعات من الاعتصام إلى الاتصال بإحدى المعلمات، معرباً عن استهجانه بعدم قبض مستحقاتهم حتى اليوم واقتطاع جزء من أجر الحصة، متعهداً بمتابعة القضية مع المعنيين في الاتحاد الأوروبي ووزارة التربية. وتحت شعارات "لا تعليم دون قبض"، "لقمة عيشنا لا مساومة"، "ما في مصاري ما في عمل"، و"عقد العمل حق مشروع لنا. لا للتهميش"... نفّذ عدد من الأساتذة "المستعان بهم" اعتصاماً يوم الاثنين الماضي أمام مقر بعثة الاتحاد الأوروبي في منطقة زقاق البلاط، وسط إجراءات أمنية مشدّدة، احتجاجاً على تأخر دفع المستحقات. وشارك به الأستاذ رياض حولي المسؤول الإعلامي في رابطة التعليم الأساسي، ومدير منفرد أراد التضامن مع الأساتذة وحقوقهم، متعهداً بتنفيذ الإضراب المفتوح وعدم بدء العام الدراسي في دوام ما بعد الظهر دون قبض كافة المستحقات. بدوره، أعرب حولي، عن تحفظه حول مكان الاعتصام مشيراً إلى "أن الوقفة أمام الاتحاد الأوربي في غير مكانها، إذ أن الأساتذة متعاقدون مع وزارة التربية، والأجدى كان الاعتصام هناك. فنحن لسنا ملزمين بمساءلة الاتحاد أو مطالبته على ما أسمته الوزارة بـ "فجوة" التسعة ملايين دولار، فهذا دورها"، معرباً عن تفاجؤ المعتصمين بتأكيد ممثل الاتحاد الأوروبي، "أنه لا يوجد كسر من قبل الدول المانحة على مستحقات العام الماضي 2018 - 2019، حيث أنهم يسدّدون الأموال بداية كل عام دراسي، مما يعني أن المستحقات ما زالت في عهدة وزارة التربية، وعلى ما يبدو أنها صُرفت؛ أين وكيف لا أحد يعلم؟".كما أكد دعم الرابطة لكافة التحرّكات وتشكيل أي لجنة خاصة تطالب بحقوق الأساتذة.واختتم الاعتصام بالتأكيد على الإضراب وتنفيذ خطوات لاحقة أمام وزارة التربية في الأونيسكو، وشرحت ريان غازي من لجنة المتابعة "معاناة الأساتذة"، ثم تلا أنور حسن بياناً باسم المعتصمين، مستعرضاً معاناة الأساتذة جرّاء تأخر دفع مستحقاتهم المالية، وقال "انتظرنا طويلاً وطالبنا بحقنا من دون أي جدوى، وشبعنا من المماطلة والوعود المتكرّرة من المعنيين. وبعد لقائنا الأربعاء الماضي وزير التربية أكرم شهيّب، نستكمل تحركنا باعتصامنا اليوم أمام مقر بعثة الاتحاد الأوروبي في لبنان لرفع صوتنا عالياً إذ إن مستحقاتنا تمولها الدول المانحة تحت إشراف وزارة التربية والتعليم العالي".ودعا البيان إلى "الإفراج عن مستحقاتنا المالية قبل بدء السنة الدراسية وإلاّ فسنضطر إلى اللجوء لتنفيذ الإضراب المفتوح حتى الحصول على المستحقات كافة مع تأييد وزير التربية ومستشاره" وإلى "معرفة مصير أجرنا في السنة الدراسية المقبلة من جهة التمويل وضرورة التعهد بعدم التأخر في دفع المستحقات". إضافةً إلى "البحث في موضوع رفع أجر الساعة لكل فئات التعليم والتي لا تتعدى 12 دولاراً وخصوصاً بعدما علمنا أن ساعتنا يقتطع منها وتتجاوز ما نحصل عليه حالياً، ولا يخفى عليكم الصعوبات التعلمية والسلوكية التي نعانيها لإيصال رسالتنا إلى طلابنا الذين يعانون الكثير جرّاء أوضاعهم من الحرب والنزوح".كما طالب البيان بـ "إعادة الراتب الشهري كما كان في السنة الأولى من تعليم النازحين لأن الوضع الاقتصادي يتفاقم يوماً بعد يوم، و أيضاً عدم التمييز بين دولة وأخرى من حيث تقديم المبلغ إلى كلّ نازح.- عدم حصر ساعات الناظر بعدد التلاميذ الحاضرين".وتوجّه إلى "المعنيين وأولهم معالي وزير التربية للاهتمام بقضيتنا وإعطائها الأولوية والإسراع في متابعتها مع منظمة اليونيسف"، وطالب "الأخيرة باستكمال باقي مبلغ التمويل منها لسدّ ما سمته الوزارة بـ "فجوة" التسعة ملايين دولار".وختم البيان: "نحن أصحاب شهادات وخبرات، نتوجّه إلى الدولة لتعزيز دور المدرسة الرسمية وتطويرها ومراجعة وضعنا وفتح باب التوظيف عبر مجلس الخدمة المدنية، لئلا نضطر إلى الهجرة أو اللجوء الى المدارس الخاصة براتب قليل وأعباء ثقيلة". لا للتعاقد الوظيفي...من جهته، دعم التيار النقابي المستقل تحرك "المستعان بهم، عبر إصداره سلسلة بيانات ومنها بياناً باسم لجنة الأساتذة المتعاقدين لتعليم النازحين السوريين في التيار النقابي المستقل، طالب خلاله المعنيين بالإسراع والإفراج عن الرواتب المتأخرة، داعياً الأساتذة إلى التضامن معاً والتحرك دفاعاً عن حقوقهم. كما اعتبر "التيار" في بيانه الأخير "أن التعاقد الوظيفي يعني إلغاء دولة الرعاية الاجتماعية"، مؤكداً على ضرورة "إلغاء بدعة التعاقد المدمّرة وتعزيز الملاك الإداري وذلك عبر مباراة يجريها مجلس الخدمة المدنية لملء الشواغر الكبيرة في الإدارة والتعليم تبعاً للحاجة. وحفظ حق المتعاقدين الذين خدموا المجتمع سنوات عديدة وتخطوا شرط السن لدخول الوظيفة العامة".كما طالب التيار "إفادة المتعاقدين في الفترة الحالية التي تفصلهم عن التثبيت، من التقديمات الاجتماعية والصحية وبدل النقل ودفع رواتبهم شهرياً أسوة بزملائهم في الملاك لرفع الظلم والإذلال عنهم"، مشدّداً على "المعالجة السريعة لأوضاع المتعاقدين في برنامج تعليم الطلاب النازحين السوريين وذلك بمطالبة الدول المانحة بالالتزام بواجباتها وكذلك بتحمّل السلطة مسؤولياتها وعدم التذرع بتلكؤ الدول المانحة". لا تعليم...بعد تخبط الأساتذة وانقسامهم، ما بين مطالب ومؤيد لإعلان تنفيذ الإضراب المفتوح، وما بين معارض له تخوّفاً من استغناء الوزارة عنهم في هذا المشروع واستبدالهم، إذ لا رابطة تتبنّى ملفهم، حتى أن رابطة التعليم الأساسي أعلنت تضامنها معهم ولكن دون اتخاذ أية إجراءات فعلية على الأرض، سوى حثهم على ضرورة توجيه البوصلة نحو وزارة التربية بتنفيذ الاعتصامات.وعشية التحضير لبدء العام الدراسي الذي كان مقرراً يوم الأربعاء الماضي، صدر عن المكتب الاعلامي لوزير التربية والتعليم العالي أكرم شهيّب يوم الثلاثاء الماضي بياناً أعلن عن قراره "تأجيل بدء العام الدراسي لدوام ما بعد الظهر للطلاب غير اللبنانيين إلى موعد يحدّد لاحقاً".بدورها، أثنت رابطة معلمي التعليم الأساسي في بيانها على "القرار الجريء" الذي اتخذه شهيّب بـ"تأجيل بدء التدريس في دوام برنامج التعليم الشامل للتلامذة غير اللبنانيين بعد الظهر"، مؤكدة "وقوفها إلى جانبه من أجل حماية حقوق المدرسين المستعان بهم"، منوّهة بدور "الاتحاد الأوروبي الراعي لعملية التعليم والحريص على عدم إبقاء الأطفال النازحين خارج المدارس، هو مطالب اليوم بعدم وضع سقف للأعداد وبتسديد المبالغ المتوجبة عليه عن الأعداد الإضافية أي ما يقارب الخمسة عشر ألف تلميذاً والتي تبلغ كلفتها ما يقارب تسعة ملايين دولار ليتسنى للوزارة تسديد مستحقات الفصل الثاني عن العام المنصرم حينها ينتظم العمل ويبدأ العام الجديد". ومن الملاحظ أن بيان الرابطة غاب عنه وتيرة غضب ممثلها في اعتصام الاثنين الأستاذ حولي أمام الاتحاد الأوروبي. وكأن الأساتذة المستعان بهم.. هم المسؤولون عن مصير التسعة ملايين دولار الضائعة!

الاتحاد الوطني لطلاب الجامعة اللبنانية: أداة قمع جديدة بيد السلطة

 
 صدر منذ عدة أسابيع القرار رقم 2362 المُتعلّق بالنظام الداخلي للاتحاد الوطني لطلاب الجامعة اللبنانية، والذي يهدف، بحسب رئيس الجامعة اللبنانية فؤاد أيوب، إلى تعزيز مشاركة الطلاب في الأعمال الجامعية ومؤازرة الجامعة في تحقيق دورها العلمي والمعرفي والأكاديمي والوطني. وستُجرى على أساس هذا النظام الانتخابات الطلابية في تشرين الثاني المقبل. وبناءً على هذا القرار ستُعتمَد النسبية للمرة الأولى في انتخابات الجامعة اللبنانية. للوهلة الأولى بعد سماع هذا الخبر تشعر بأنّ إنجازاً ناضلنا سنوات لأجله يتحقق اليوم بحيث سيتشكل، ديمقراطيّاً، اتحادٌ للدفاع عن حقوق الطلاب، وأنّ هذا الاتحاد، ككل الإتحادات الطلابية، أداةٌ نضالية بيد الطلاب. ولكن كما اعتدنا في ظلّ النظام اللبناني بأن كل حركة أو نقابة تهدف إلى تحصيل حق من حقوق أي فئة أو قطاع من القطاعات تُفرّغ من مضمونها بشكل كامل وتتحوّل من أداة ضغط على السلطة إلى أداة قمع بيدها وهذا بالضبط ما سنعرضه. بداية في الشق الانتخابي على الرغم من إجراء الانتخابات وفق النظام النسبي، تُفرّغ المادة 18 من نص القرار هذه "النسبية" من مضمونها حيث تفرض اللائحة المكتملة المقفلة والمرقّمة. إذ يسهل تشكيل اللوائح المكتملة في الكليات الصغيرة التي تتألف من حوالي 4 مرشحين بمفهوم مندوب لكل 100 طالب، أمّا الحاصل فسيكون مرتفعاً، أي بين 20% و25%، وهذا يصعّب أي خرق للوائح أحزاب السلطة. أما في الكليات الكبيرة التي يظن البعض أن فرصة الكتل الصغيرة والمتوسطة للخرق فيها سهلة ومتوفرة بسبب تدني الحاصل، تأتي اللائحة المكتملة لتدحض هذا الظن وتكون المعضلة. وهنا نتحدث عن إلزامية ترشيح عدد كامل من المندوبين. على سبيل المثال في كلية العلوم الفرع الأول يتخطى عدد الطلاب الـ 7000 طالب، أي، وبصورة عملية، الكتلة التي تريد المنافسة عليها اختيار 70 مرشّحاً وترقيمهم بحيث أن المرشحين الذين يتخطّى عددهم العشرة لا أمل لهم في الخرق، ومن شبه المستحيل إيجاد 60 مرشحاً وإقناعهم بالترشح ضد أحزاب السلطة. وهنا تأتي صعوبة التحالفات وصعوبة تشكيل اللوائح للمجموعات المستقلة التي تقضي هذه المادة على أي أمل بخرقها لوائح السلطة. فجميعنا يعرف صعوبة الترشح بوجه أحزاب السلطة التي تؤمن الوظائف بالواسطة والخدمات بالواسطة والكثير من الامتيازات للطلاب، والتي هي في الأساس حقوق للجميع، لـ"تمنحها" هي بالتسوّل على أبوابها والطاعة لها. وبالتالي، إنّ الترشح في وجه هذه الأحزاب ولو في انتخابات الجامعة اللبنانية هو خروج عن الطاعة والويل لمن يخرج! وبالتالي، إن هذا القانون، كما العادة، مفصّلٌ على قياسهم و يمنع أي فرصة حقيقية للمنافسة في ظل التقسيم الطائفي والمناطقي لكليات الجامعة والسيطرة المطلقة لأحزاب السلطة على الكليات وأحياناً بالقوة وغياب الجو الديمقراطي الصحي واستبداله بشد العصبيات المذهبية. في الشق التنظيمي والسياسي في بدايته، يتحفنا القرار في مادته السادسة بفاشية وقحة تصل حد الفصل العنصري بين الطلاب إذ ان "حق الانتخاب والترشح للبنانيين فقط".وننتقل هنا للصلاحيات فرغم كل عمليات التجميل الشكليّة والتلوين لهذا القرار والحديث عن استقلالية للطلاب، يأتي المضمون مختلفاً في الفقرة 3 من المادة 59 ليعطي الصلاحية لمجلس الجامعة الذي تعينه الحكومة بالمحاصصة الطائفية بـ"التدخل تلقائيّاً لنقض أي قرار للاتحاد إذا تعارض مع قانون الجامعة أو خلّ بالآداب والانتظام العام أو هدّد وحدة الجامعة أو مسّ بالمسلمات الوطنية". وهذه كلها عبارات رنانة يستطيع مجلس الجامعة استخدامها لنقض أي قرار بحركة اعتراضية أو اعتصام أو حتى بيان وتصبح اللجنة التنفيذية للاتحاد هيئة صوَرية لا تقرر في الأمور المتعلقة بحماية مصلحة الطلاب. والأسوأ هنا إذا ما ربطنا المادة أعلاه بالمادة 65 التي تشير بوضوح إلى أن مجالس طلاب الفرع لا تستطيع أخذ قرار بالضغط الديمقراطي أي الاعتصام و التظاهر وربما توزيع البيانات دون موافقة اللجنة التنفيذية التي يستطيع مجلس الجامعة نقض قرارها، نستخلص أن أي تحرك في أي كلية لتحصيل حقوق سيرسم مجلس إدارة الجامعة حدودَه و يقرّره و يضع له سقفاً وأنّ أي تمرد على هذا السقف سيُقابل بالنقض التلقائي والحجج كثيرة! هذا بالإضافة إلى أنّ رئيس الاتحاد يستطيع بشخصه عبر المادة 68 "نقض أي قرار يمس بوحدة الجامعة"، من دون أن تتطرّق المادة لأي تعريف لوحدة الجامعة. وسنكتفي بهذا القدر لأن هذا القرار يُنقض بصفحات طويلة. وفي النهاية إن القانون الذي لا يحمي الجميع ليس قانوناً وحين يُستخدم كأداة لقمع لأي تحرك وللفصل العنصري لا يجب أن يُحترم. وهكذا قرار لن يُحترم في الجامعة لأننا نستعد للكثير من النضال ولينقضوا ما شاءوا...  

نادين جوني: عن موت كلّ امرأة حُرِمت طفلها

 
في السادس من الشهر الجاري، غادرتنا نادين جوني، الصبية التي عرفناها في كلّ مظاهرة وتحرّك ضدّ النظام الذي ينهبنا، والنسوية التي عرفتها الأمهات والنساء في لبنان والمنطقة، مدافعة شرسة عن النساء وحقوقهنّ، لا تهاب نظاماً ولا سلطة. كلّ ذلك، ونادين لم تبلغ سوى التاسعة والعشرين. أضاءت نادين من خلال عملها السياسي والخدماتي، على الأشكال المختلفة للاضطهاد البطريركي، مركّزة على حق الأمّهات بحضانة الأطفال، واستغلال رجال الدين لمواقعهم. فهي، كأغلبية الأمّهات العازبات اللواتي حرمتهنّ المحاكم الدينية أولادهنّ، قد عاشت حياتها تتلمّس الساعات القليلة التي تقضيها مع ابنها، كلّما سمح لها أباه وأهله بذلك. سنقوم في هذا النص بما كانت نادين لتحبّه عند الكلام عنها، أي جعل موضوعها مسألة حقوق وحريات وظلم نظام، بدلاً من قصة فرد. فالمأساة وراء موت نادين ذات شقّين، شقّ يتعلّق بظلم عاشت بسببه ثلث عمرها كأم محرومة من حياتها وطفلها، وشقّ قتلها من قبل السلطة الجائرة التي تحرمنا الحياة عبر نهبها لثرواتنا. كما تُقتل النساء في منطقتنا كلّ يوم، قتلت نادين على يد السلطة الدينية والسلطة السياسية. ربّما أكثر ما آلم الناس، بعد فكرة موت نادين ذاتها، هي فكرة أنها ماتت دون أن تحقّق حلمها وحلم النساء بقوانين عادلة ومنصفة، وبالعيش ولو لأيام، مع أولادهنّ. فالمحاكم الدينية، من حكم نصوص عمرها آلاف السنين، حتى حكم رجال ذكوريين ينتفعون من مواقعهم ويغتنون منها أو يحصلون من خلالها على مزيد من الامتيازات، هذه المحاكم بعيدة كلّ البعد عن حاجات المجتمع والأفراد، وبالأخص عن مصلحة النساء وأطفالهنّ. في السياق اللبناني، اعتادت النساء (خاصة) التعرّض للتكفير والاتهامات بالجنون أو الخروج عن الأخلاق الحميدة، إذا ما رفعن أصواتهن ضدّ السلطة الدينية. وقد ثبّتت هذه الأخيرة شرعيتها في المجتمع، ممّا نتج عنه انقلاب العائلة والأصدقاء والقرية على النساء إذا ما اعترضن على قرارات المحكمة. وقد بدأت نادين ورفيقاتها حملة منظّمة وفاعلة وحقيقية وجريئة لا تهاب التهديد، للاعتراض على قرارات المحكمة الجعفرية الجائرة بحق الأمهات والنساء بعامّة، وكلّ المحاكم الدينية في لبنان. "الفساد الفساد جوا العمامات"، صرخة نادين التي عبّرت عمّا يجول في خواطر العديد من النساء اللواتي اضطررن للجوء للمحكمة الجعفرية والتعرّض لذكورية رجال الدين وتحرشاتهم وعروضهم الجنسية. فما الذي قد يدفع صبية في التاسعة العشرين لتكون بهذا الغضب؟ ما الذي يجعل موتها يكون القصة الأساسية التي يتكلّم فيها الناس بصدمة وفجيعة وألم؟ "صارت حياتي عبارة عن حرب وقضية، بلا ما إلحق أحلامي وطموحي" تختصر نادين معاناة الأمهات العازبات برسالة بسيطة ترسلها لصديقتها، تختصر فيها كيف تحوّل المحكمة الدينية حيواتنا وأحلامنا إلى صراع. من ناحية أخرى، يذكّرنا موت نادين المفاجئ نتيجة لحادث سيارة على أتوستراد الدامور، بطرقاتنا القاتلة وتخاذل الدولة عن تأمين أساسيات سلامة الطرقات. والمسألة الأهم في هذا السياق هي سوء المواصلات العامة وغيابها في أكثر الأحيان، ممّا يجعل العديدات والعديدين منّا مجبرين على القيادة لساعات طويلة، حتى عند التعب والإرهاق، بسبب غياب البديل. لكانت نادين بيننا اليوم، لو أنّها استقلّت قطاراً من بيروت إلى الجنوب، ونامت في طريقها إلى أهلها وأصدقائها.ما قتل نادين ويقتل النساء والمحرومين كلّ يوم، هو سلطة دينية تتحكّم بحيواتهم ومستقبلهم وأطفالهم، وسلطة سياسية تريد للناس الموت عبر صياغة سياسات منحازة ضدّ الفقراء. لقد أعادت نادين من خلال عملها، موقع النساء الرافضات لأهواء العمامات، إلى الواجهة، إلى الحيّز المسموع والمرئي من مجتمعاتنا. في اليوم الذي سننتزع فيه حقوقنا، ذلك اليوم المشرق الذي يشبه كلّ أحلامنا، سيكون لنادين جوني حصّة فيه، حصة الأم التي أمضت سنواتها القليلة في العمل من أجل ابنها وأبناء وبنات غيرها، من أجل نفسها هي وحياتها هي وصحّتها النفسية هي ضدّ من وضعوا النساء الرافضات لسلطة الدين والمال، في غرفة الأمراض العقلية، وفي مصاف الكافرات المنبوذات من مجتمعاتهن.